الأحداث وهي في مكة. روي أن ابن عباس مر بها في الصلصل. فقالت: يا ابن عباس أنشدك الله. فإنك قد أعطيت لسانا إزعيلا (1). أن تخذل عن هذا الرجل - يعني عثمان - وأن تشكك فيه الناس. فقد بانت لهم بصائرهم. وأنهجت ورفعت لهم المنار. وتحلبوا من البلدان لأمر قد جم وقد رأيت طلحة بن عبيد الله. قد اتخذ على بيوت الأموال والخزائن مفاتيح. فإن يل يسر بسيرة ابن عمه أبي بكر رضي الله عنه. فقال ابن عباس: يا أمه لو حدث بالرجل حدث. ما فزع الناس إلا إلى صاحبنا - يعني عليا - فقالت: إيها عنك. إني لست أريد مكابرتك ولا مجادلتك " (2). وعندما بلغها قتل عثمان قالت: أحق الناس بهذا الأمر لذي الإصبع - تعني طلحة - فلما جاءت الأخبار ببيعة علي قالت: تعسوا تعسوا لا يردون الأمر في تيم أبدا " (3). فهذا الطريق الطويل أقام الإمام علي عليه الحجة في أوله عندما قال لطلحة: أبسط يدك يا طلحة لأبايعك. وذلك ليقطع طريق الهوى (4). وهو يعلم أن طريق الهوى سيصب في ميدان القتال حيث يكون قتاله مع الناكثين. وليس معنى قتال الناكثين أن الحجة لم تقم عليهم في أول الطريق.
وإنما قامت لأن الطريق سيكون عليه دماء. وهذه الدماء لها قانون. وهذا القانون تنيره حجة ظاهرة ناصعة.
وروي أن طلحة والزبير سألا علي بن أبي طالب أن يؤمرهما على الكوفة والبصرة. وكانا لهما أتباع فيهما. فقال علي: " تكونان عندي. فأتحمل بكما، فإني وحش لفراقكما " (5). وروى ابن قتيبة. أنهما قالا: ولكنا بايعناك على أنا شريكان في الأمر. فقال علي لا. ولكنكما شريكان في القوة والاستقامة والعون