ويدعونه إلى النار. باختصار كان عمار حجة على البغاة. حجة على أول طريقهم وحجة على نهاية طريقهم. وليس معنى أنه قتل في آخر الطريق أنه لم يكن له وجود في أول الطريق. لأن عمارا بمثابة مشعل على طريق طويل. وهذا المشعل وقوده عند علي بن أبي طالب. قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمار: " يا عمار إن رأيت عليا قد سلك واديا. وسلك الناس واديا غيره. فاسلك مع علي ودع الناس. إنه لن يدلك على ردى ولن يخرجك من الهدى " (1)، لهذا كان حذيفة يقول بعد مقتل عثمان: " آمركم أن تلزموا عمارا. قالوا: إن عمارا لا يفارق عليا. قال: إن الحسد هو أهلك الجسد. وإنما ينفركم من عمار قربه من علي. فوالله لعلي أفضل من عمار أبعد ما بين التراب والسحاب. وإن عمارا لمن الأحباب " (2)، وإذا كان طريق علي بن أبي طالب واضحا وضوح الشمس في كبد السماء فإن طريق عمار واضح أيضا فهو ما عرض عليه أمران قط إلا اختار الأرشد منهما (3) وهو على الفطرة (4)، وأجاره الله من الشيطان على لسان نبيه (5)، ومن عاداه عاداه الله ومن أبغضه أبغضه الله (6). باختصار كان عمار يحمل مؤهلات طريق علي بن أبي طالب. وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال لعلي: " يا علي ستقاتلك الفئة الباغية وأنت على الحق فمن لم ينصرك يومئذ فليس مني " (7)، فإنه قال لعمار الذي يحمل معالم الجندية على طريق علي:
" ستقتلك الفئة الباغية وأنت على الحق. فمن لم ينصرك يومئذ فليس مني " (8).
وطريق علي بن أبي طالب يبدأ من أول خطوة رفع فيها علي سيفه.