يدري المقتول في أي شئ قتل. ولا يرى القاتل إلا طعاما له بريق. والقاتل والمقتول لا يدريان شيئا عن الحقيقة. لأن الراية عمية ومرفوعة في ساحات العصبية. وقد يكون قتال الرجل في هذه الساحات لينصر عصبته. ولكن الحقيقة أن هذا الغضب والقتال والنصر سيصب في نهاية المطاف داخل سلة رؤوس البغاة. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لو أن الناس اعتزلوهم " لأن في الاعتزال نجاة من الموتة الجاهلية يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
" من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات فميتته جاهلية " (1)، وقال: " من قتل تحت راية عمية ينصر العصبية ويغضب للعصبية فقتلته جاهلية " (2). وفي عصر الإمام علي قال الإمام: قد قامت الفئة الباغية. فأين المحتسبون. أي أين طلاب الأجر؟ ثم قال: لكل ضال علة. ولكل ناكث شبهة. كأنه يقول: إذا كانوا قد خرجوا فلا بد أن يكون لهم تأويل في خروجهم. وكل ناكث لا بد له من شبهة يستند إليها.
ولأن الإمام خبير في معرفة الرجال. ولأنه يقاتل على التأويل كما قاتل النبي صلى الله عليه وسلم على التنزيل. قال: والله لا أكون كمستمع اللدم.
أي: لن يكون كالضبع. تسمع وقع الحجر بباب حجرها من يد الصائد. فتنخذل وتكف جوارحها إليها حتى يدخل عليه فيربطها. ولن يكون مقرا بالضيم راعنا، يسمع المخبر عن القتلى فلا يكون عنده شئ من التغيير والإنكار.
ومن رحمة الله تعالى أنه سبحانه جعل في عصر الصحابة من يرشدهم إلى طريق الصواب. على الرغم من سياسة اللارواية. فأبو ذر كان رواية متحركة في عهد ما وهذه الرواية ينطق بها صمت أبو ذر ويسمعها من أراد الله أن يقيم الحجة عليه. فالرواية المتحركة لها إيقاع خاص ومذاق خاص عند نمط خاص. وكان أبو ذر يبشر الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاو من نار. وفي عصر الإمام علي كان عمار رواية متحركة، حجة بذاتها على نوع خاص يدعوهم إلى الجنة