على العجز والأود " (1)، وبقي طلحة والزبير في المدينة أربعة أشهر يراقبان عليا من قريب (2).
لقد كان طلحة يعلم أنه لن يكون له في ظل عهد أمير المؤمنين إلا ما يستحقه. ولذلك قال بعد أن بايع الناس عليا " ما لنا من هذا الأمر إلا كلحسة أنف الكلب " (3)، وفي هذا اليأس جاءته رسالة من معاوية وفيها: أما بعد. فإنك أقل قريش وترا. مع صباحة وجهك. وسماحة كفك. وفصاحة لسانك. فأنت بإزاء من تقدمك في السابقة. وخامس المبشرين بالجنة. ولك يوم أحد وشرفه وفضله. فسارع رحمك الله إلى ما تقلدك الرعية من أمرها مما لا يسعك التخلف عنه. ولا يرضى الله منك إلا بالقيام به. فقد أحكمت لك الأمر قبلي. والزبير متقدم عليك بفضل. وأيكما قدم صاحبه فالمقدم الإمام. والأمر من بعده للمقدم له. سلك الله بك قصد المهتدين. ووهب لك رشد الموفقين. والسلام " (4).
ولم يكن طلحة وحده الذي أرسل إليه معاوية الرسالة الفخ. وإنما أرسل إلى الزبير أيضا. وفيها:... واعلم يا أبا عبد الله. أن الرعية أصبحت كالغنم المتفرقة لغيبة الراعي. فسارع رحمك الله إلى حقن الدماء ولم الشعث. وجمع الكلمة. وصلاح ذات البين. قبل تفاقم الأمر وانتشار الأمة. فقد أصبح الناس على شفا جرف هار وعما قليل ينهار إن لم يرأب. فشمر لتأليف الأمة. وابتغ إلى ربك سبيلا. فقد أحكمت الأمر على من قبلي لك ولصاحبك. على أن الأمر للمقدم. ثم لصاحبه من بعده. جعلك الله من أئمة الهدى. وبغاة الخير والتقوى والسلام " (5).
وبينما لوح لطلحة والزبير بالخلافة. نجده في رسائله إلى مروان بن الحكم وسعيد بن العاص و عبد الله بن عامر والوليد بن عقبة ويعلى بن منبه. يطالب