ولخطورة ضربات سيف علي وما سيترتب عليها حمل عمار أقوى تحذير على الاطلاق: " تقتله الفئة الباغية. يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار " وهذا في حد ذاته دعوة للتفكير. فأي قوات ستجابه جيشا فيه عمار. لا يمكن أن تقطع بأن عمارا سيخرج من المعركة سالما وأنه لن يصيبه ما يؤدي إلى قتله. وعلى هذا فمن الواجب أن تعيد هذه القوات ترتيب أوراقها في اتجاه التوبة. وإذا كان هذا التحذير يحيط بعمار. فإن هناك تحذيرا آخر حملته الصحابة منهم أبو رافع.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا أبا رافع سيكون بعدي قوم يقاتلون عليا.
حق على الله جهادهم. فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه. ومن لم يستطع بلسانه فبقلبه. ليس وراء ذلك شئ " (1)، وذلك حتى لا يدق في أرضية الصحابة أوتاد يأتي عليها الشارد والوارد والسابق واللاحق. وما هي إلا أوتاد فتن لا تصيب الذين ظلموا خاصة بل تتعداهم إلى غيرهم.
ولقد فطن عبد الله بن عباس للتحذير الذي حول عمار. فأراد أن يسمعه الناس بعد بيعة علي بن أبي طالب. حتى يكونوا على بينة من أمرهم قبل أن يفتح طريق البغي. فعن عكرمة أن ابن عباس قال له ولابنه علي: انطلقا إلى أبي سعيد الخدري فاسمعا من حديثه. قال: فانطلقنا فإذا هو في حائط له. فلما رآنا أخذ رداءه فجاءنا. فقعد. فأنشأ يحدثنا. حتى أتى على ذكر بناء المسجد قال: كنا نحمل لبنة وعمار بن ياسر يحمل لبنتين. فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل ينفض التراب عنه ويقول: يا عمار ألا تحمل لبنة كما يحمل أصحابك.
قال: إني أريد الأجر من الله. فجعل ينفض التراب عنه ويقول: ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار " (2)، والدعوة إلى النار لها أصول تحدث عنها حذيفة من قبل وذلك عندما قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: " فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم دعاة إلى أبواب جهنم من