بصورة مطلقة. وأمر النبي صلى الله عليه وسلم، بإراقة دماء واحد من الناس بالإضافة إلى أنه أخذ بالأسباب. إلا أنه أيضا يدب الحياة في جسد التحذير بمعنى أن الناس عندما يعلمون أن فلانا قد استباح النبي صلى الله عليه وسلم دمه أو نفاه. فإن التحذير يكون إعلاما على رأس المحذر منه فيتعامل معه الناس بحرص ولا يملكوه أعناقهم. فالأخذ بالأسباب من ناحية الرسول هو تحذير وحجة في نفس الوقت.
مما سبق يمكن للباحث أن يرى صفحة المجتمع الذي بعث فيه النبي صلى الله عليه وسلم - وعلى هذه الرؤية يمكن القول بأن الصحابة قوم من الناس لهم ما للناس وعليهم ما عليهم. فيهم من يحب الدنيا ويعمل لها. وفيهم من يحب الآخرة ويعمل لها. وفيهم من كان يتلعب بالنصوص ويضرب كتاب الله بعضه ببعض. وفيهم أصحاب الخشوع الخيالي الزائف. ومن هؤلاء شيطان من الشياطين تلون وتشكل وزين وزخرف ثم جاءته ضربة فيما بعد من سيف العمود الرئيسي لدائرة الطهر فأردته قتيلا. ومن هذا كله يمكن أن نلقي بالقبول أن علي بن أبي طالب قد واجه صعوبات جمة وأن طريقه قد وضع عليه العديد من العقبات. ولم تكن العقبات تأتيه من جانب هؤلاء فقط. وإنما جاءته أيضا من الأعراب اتباع كل ناعق. الذين لا يعرفون من دينهم شيئا. وهؤلاء جاء ذكرهم فيما رواه البخاري عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: " ما أظن فلانا وفلانا يعرفان من ديننا شيئا " (1)، وروى الترمذي والإمام أحمد أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم عندما مروا بسدرة: يا نبي الله اجعل لنا ذات أنواط كما للكفار ذات أنواط وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة ويعكفون حولها. فقال النبي: " الله أكبر. هذا كما قلت بنو إسرائيل لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة. إنكم تركبون سنن من قبلكم (2)، وقولهم هذا كان في العام الثامن