يبين لهم النجاة من هذه الفتن التي تعصف أول ما تعصف بحبل الصحابة. والله تعالى أوجب على نفسه فتح الطريق لعباده وهدايتهم إليه، (ما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) (1)، وحذيفة لم يسأل النبي عن الشر مرة واحدة. وإنما كان يحب أن يسأل عنه على فترات كما تدل رواياته.
وفي هذه الروايات يقول النبي عن دعاة الشر " دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها " فيقول حذيفة: يا رسول الله صفهم لنا؟ قال: " هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا " (2)، ويسأل حذيفة: وما العصمة من ذلك؟ قال: السيف.
فقلت يا رسول الله: ثم ماذا يكون؟ قال: إن كان لله خليفة في الأرض فضرب ظهرك وأخذ مالك فأطعه. وإلا فمت وأنت عاص بجذل شجرة. قال حذيفة: ثم ماذا؟ قال النبي: ثم يخرج الدجال (3)، فهذه الرواية. قال له: " إن كان لله خليفة في الأرض " وفيه أن البحث فريضة. فقد يكون خليفة الله كهارون في عالم السامري ". فعالم السامري كان عالم واسع عريض. ولا يضر هارون أنه يقف على الأرضية الأضيق في أعين الناس. والأرضية الضيقة لها علم وفقه. وقد يكون الصمت فيها دواء. وقد يكون آخر الدواء الكي وهذا أمر يحدده خليفة الله.
إن لكي شئ علم. ألم تر أن الله رفع نبيه عيسى عليه السلام. وكان في الإمكان خسف الأرض. بمن أرادوا قتله. ولكن هذا تم لهدف ومن وراء الهدف حكمة.
منها امتحان الذين آمنوا بعيسى عليه السلام. فعيسى أخبر وصيه وتلاميذه بأنه سيرفع وأخبر القاعدة العريضة أيضا بذلك وقال لهم: إنه حيث يكون فلن يستطيعوا الوصول إليه. ومن المعلوم أن أعداءه لا يستطيعون الوصول إلى السماء. وبعد الرفع جاء الامتحان. كانت الحجة كلمة وصرخة تلميذ. أن الذي على الصليب ليس عيسى. فمن استمع نجا، ومن صدق ما يشاهده هلك. وهنا تبرز قيمة الوصية والأوصياء. وكلمة الوصي أصدق مما تراه العيون. ولكن الجماهير تركت الوصي والتلاميذ. وانساقوا وراء من يظنون أنه المسيح. ولم