أن نضع هنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " علي أصلي... " (1)، وقوله: " إن الناس اليوم كشجرة ذات جنى. ويوشك أن يعودوا كشجرة ذات أشواك " (2)، وكل إنسان يبحث عن شجرة.
وكما علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حذر من أصول الفتن. فأخبر أن الفتن من بعده ستكون كثيرة وستنتهي إلى الدجال وأن السلطة ستكون كخيمة على بركة من الدماء. الجميع يتصارع من أجل الوصول إليه. ولذا حذر صلى الله عليه وسلم أصحابه حتى لا ينازعوا الأمر أهله. لأن المنازعة ستفتح الأبواب لما هو أشد وافتك. إذا كنا قد علمنا ذلك. فيجب أن نعلم هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حدد تيارا بعينه وهو تيار بني أمية. وحذر منه أشد التحذير.
وأخبر أن هذا التيار سيصل إلى السلطة. والوصول إلى السلطة لا يأتي في يوم وليلة. فإذا كان سيصل مثلا في مرحلة منتصف الطريق. فلا بد أن تكون مرحلة أول الطريق قد مهدت له ووضعت له الركائز التي يرتكز عليها دينيا. ثم يقوم هو بدوره فيضع الركائز ويمهد لمن يأتي في نهاية الطريق.
وتحذير النبي لأصحابه من الفتن حتى لا يفتحوا الباب لهذا التيار. تعدى مرحلة التحذير بالقول إلى مرحلة التحذير بالفعل حيث قام النبي صلى الله عليه وسلم بنفي الحكم بن العاص الذي تعتبر ذريته آخر حكام بني أمية وظل الحكم بن العاص في المنفى. حتى رده عثمان بن عفان سليل بني أمية في خلافته. ونفى النبي للحكم كان من باب الأخذ بالأسباب وإقامة الحجة، وبمعنى أن النبي علم من ربه أن الحكم باب من أبواب الفتن وأن في صلبه من سيركب على رقبة الأمة. وأن الأمة ستكون لأبنائه شيعة. فأخذ النبي بالأسباب وأزال أصل العقبة من البداية وهو يعلم أن الأمة ستأتي به وستقيم عليه فسطاطا. وإذا كان الحكم بن العاص حلقة أخيرة في الفتنة. فإن النبي لم يكتف بالتحذير من الحلقة الأخيرة فقط. وإنما حذر من الحلقة الأولى لبني أمية التي عليها سيأتي