أحفظنا " (1).
كان النبي يعلم من ربه أن الفتنة إذا انطلقت فلن تنطلق إلا من عند الذين سمعوا منه وشاهدوه. وإنها ستسير بوقودهم على امتداد التاريخ، ولهذا كان يشير ويحذر. فعن أسامة قال: أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم (2) من أطام المدينة ثم قال: هل ترون ما أرى؟ إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر " (3).
والتشبيه بمواقع القطر أي أنها كثيرة وتعم الناس. وقال النووي: وهذا إشارة إلى الحروب الجارية بينهم... وفيه معجزة ظاهرة له صلى الله عليه وسلم (4) لأن ما أخبر به وقع.
وإذا كان النبي قد أشار إلى مواقع الفتن على ساحة المدينة الواسعة فإنه صلى الله عليه وسلم أشار إليها في ساحة أضيق. فعن أم سلمة قالت: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وهو يقول: لا إله إلا الله ما فتح الليلة من الخزائن؟ لا إلا إلا الله ما أنزل الليلة من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجر، يريد به أزواجه... يا رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة " (5).
وقيل في المعنى: كاسية من نعم الله، عارية من الشكر الذي تظهر ثمرته في الآخرة (6)، ومن ساحة بيوت النبي حيث المساحة الضيقة، أشار عليه الصلاة والسلام إلى ساحة أضيق، روى البخاري عن عبد الله قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا فأشار نحو مسكن عائشة فقال: ها هنا الفتنة، ها هنا