رأس. كيف، وهل أمة بلا رأس تكون جديرة بقيادة العالم. كيف وكان النبي يبعث الأمراء والأمناء والعرفاء في أعمال الدولة. أن العديد فهم من الحديث إنه دعوة للتورع. وكثير منهم تورع حتى لا يتمنى يوما أن يتجلجل بين السماء والأرض وأنه لم يلي عملا. والحديث له أهداف أوسع. فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم يذهب أهل الجيل الأول في أمر ليس من حقهم. وحذر من حذى حذوهم. فعن المقدام بن معد يكرب. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب على منكبه. ثم قال له: " أفلحت يا قديم إن مت ولم تكن أميرا ولا كاتبا ولا عريفا " (1)، فإذا كان الصحابة كلهم عدول ثقات. فمن أولى منهم بالقيادة، ولماذا يحذرهم النبي ومما كان يخاف عليهم؟ لقد كان النبي يحث أصحابه على أن لا ينازعوا الأمر أهله. فعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. " عليك بالسمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك.
وأثره عليك. وأن لا تنازع الأمر أهله " (2)، فإذا كنا قد علمنا أن الأمر كله لله.
فعلينا أن نعلم أن أهل الأمر لا يحددهم غير الله. ولذلك كان أبو أيوب الأنصاري يبكي أيام بني أمية. وكان رضي الله عنه قد شهد المشاهد مع علي بن أبي طالب. وعندما سئل عن بكائه. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تبكوا على الذين إذا وليه أهله. ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله " (3)، ثم إذا كان أحد أحياء قريش من الذين لم يشر إليهم النبي بولاية الأمر. هم أهل الدين. فلماذا طالب النبي الأمة باعتزالهم. روى الشيخان عن أبي هريرة قال النبي صلى الله عليه وآله: " يهلك أمتي هذا الحي من قريش "، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: لو أن الناس اعتزلوهم " (4)، لو