وسلم: " أكثر ما أتخوف على أمتي من بعدي رجل يتأول القرآن. يضعه على غير مواضعه. ورجل يرى أنه أحق بهذا الأمر من غيره " (1)، ومن العجيب أنهم يقولون. أن الرسول ترك الأمر هكذا في الرياح. كيف وهو كان يخاف أن يأتي من يرى أن أحق بهذا الأمر من غيره؟ هل يترك القرآن ليتلعب به الناس؟ هل يترك الأمر حتى يناله سفهاء قريش ويتسموا بأمراء المؤمنين وهم في بطون أمهاتهم؟ كيف؟ وهو الذي بلغ الرسالة ونصح الأمة وتركها على المحجة البيضاء نهارها وليلها سواء.
وإذا كان الأمر هكذا فكيف يترك النبي هؤلاء يزحفون إلى النار وهو المبعوث رحمة للعالمين. لا بد أن يقيم عليهم الحجة أولا ثم ليزحفوا وقتما شاؤوا. ويوم القيامة لا يفيد الندم ولا يكون لهم على الله حجة. وهذه الحقيقة ترى في حديث أبي هريرة. قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يوشك رجل أن يتمنى أنه خر من الثرايا ولم يل من أمر الناس شيئا " (2)، ومن دائرة الرجل ينتقل التحذير إلى دائرة أوسع. فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليتمنين أقوام ولوا هذا لأمر أنهم خروا من الثرايا وأنهم لم يولوا شيئا " (3)، وينتقل التحذير إلى دائرة المرتزقة الذين يجيدون الأكل والهتاف على موائد الرجال وأقوامهم. فعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويل للأمراء وويل للعرفاء وويل للأمناء. ليتمنين أقوام يوم القيامة. أن نواصيهم معلقة بالثريا فيجلجلون بين السماء والأرض وأنهم لن يلوا عملا " (4).
وإذا كان النبي يحذر الناس من القيادة ويحذر الأمراء والعرفاء والأمناء.
فهل المقصود من هذا أن الدولة لا تعرف النظام. وأن الدولة ينبغي أن تكون بلا