والقرآن الكريم أخبر بولاية الله وأن الأمر كله إليه سبحانه في أكثر من موضع منه قوله تعالى: (أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحيى الموتى وهو على كل شئ قدير * وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب * فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزوجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شئ وهو السميع البصير) (1)، قال المفسرون: إنه تعالى ولي تنحصر فيه الولاية. فمن الواجب على من يتخذه وليا. أن لا يتعداه إلى غيره. إذ لا ولي غيره. وقوله: (وهو يحيي ويميت) حجة على وجوب اتخاذه تعالى وحده وليا. لأن الغرض من اتخاذ الولي والتدين له. هو التخلص من عذاب السعير والفوز بالجنة يوم القيامة. ولما كان ذلك كذلك فإن المثيب والمعاقب يوم القيامة هو الله. فهو وحده الذي يحيي الموتى فيجمعهم فيجازيهم بأعمالهم. وعلى هذا فهو الذي يجب أن يتخذ وليا. وأن لا يلتفت الناس إلى أولياء من دونه لأنهم أموات غير أحياء ولا يشعرون أيان يبعثون.
وقوله تعالى: (وهو على كل شئ قدير) حجة أخرى، على وجوب اتخاذه تعالى وليا دون غيره، لأنه من الواجب في باب الولاية. أن يكون للولي قدرة على ما يتولاه من شؤون من يتولاه وأموره. والله تعالى على كل شئ قدير ولا قدرة لغيره إلا مقدار ما أقدره الله عليه. فهو المالك والقادر على ما ملكه وأقدره عليه. فهو سبحانه الولي لا ولي غيره تعالى، وقوله سبحانه: (وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله)، حجة أخرى على كونه تعالى وليا لا ولي غيره، فالاختلاف ربما كان في عقيدة في أن الإله واحد أو كثير، أو كان في نبوة أو إمامة. وربما كان في عمل أو ما يرجع إليه كالاختلاف في أمور المعيشة.
أمور المعيشة. فاختلافات الناس في عقائدهم وأعمالهم اختلاف تشريعي لا يرفعه إلا الأحكام والقوانين التشريعية ولولا الاختلاف لم يوجد قانون.