يفعل ذلك فإذا قيل: إن الخلافة مجرد اجتهاد وتطبيق ارتضاه المسلمون الأوائل.
وإنها تقوم على الاجماع أو الانتخاب. فإن من خالف يقول: إذا كانت الخلافة بالإجماع فما معنى عقد أبي بكر لعمر رضي الله عنهما. وما معنى وصية عمر وجعلها شورى، وما معنى جعل الخلفاء إياها كسروية. إن كل حلقة تختلف عن الأخرى. وانتهت الحلقات إلى الجبرية حيث الاجماع الذي على رأسه السيف.
وكل حلقة لم تحقق الاجماع الكامل ويوم السقيفة شاهد بخروج سعد بن عبادة ومن معه على هذا الاجماع وعلى امتداد التاريخ تشهد الأحداث أن الاجماع لم يتحقق يوما وأن المعارك بين المسلمين وبين أنفسهم كان عمودها الفقري الخروج على الحكم وطلب الكرسي. فأين الاجماع في هذه الأحداث؟ وإذا كانت الخلافة بالانتخاب. فمن المعلوم أن الأمة ليست متفقة في الرأي وأن لكل فرد فيها رأي يخالف الباقين. فأي انتخاب؟ وهل المرشح الذي تخرج دنانيره من بيت المال لتلمع في عيون الناخبين. هل يكون هذا مرشحا، مهمته السير بالدعوة الحق على الصراط الحق. هل اللائحة التي تحافظ على الأهواء وتزين وتغوي الناخبين بأحقية حزب ما أو قبيلة ما. وما يقابلها من لوائح تزين وتغوي بالأموال والقرب والجاه. هل هذه اللوائح. لوائح حق تسير بالدعوة الحق على الصراط الحق. أن الخليفة بحكم العقل والنقل مطلوب منه المحافظة على كيان الإسلام.
وإزاحة الشبهات وقطع دابر الكفار والمنافقين ونشر الأحكام الإلهية. فهل يا ترى يمكن للناس الوصول إلى من يتصف بهذه الصفات المذكورة وهل في وسعهم الاتجاه والاتفاق على اختياره. مع الوضع في الاعتبار أن في الأمة دوائر عديدة هدفها الصد عن سبيل الله. وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن في أمته أئمة مضلون ومنافق عليم اللسان إلى غير ذلك. فهل يمكن للناس تفادي كل هذا؟
فإن قيل: إن الخلافة في عصورها المتأخرة تختلف عنها في عصورها الأولى حيث كان الصحابة يتحرون الدقة. وهم بالإجماع أهل عدل وصلاح.
وبموت الرسول صلى الله عليه وسلم. لم يعد هناك منافقون ولم يعد لتيار الذين في قلوبهم مرض وجود. فإن المخالف يقول: إذا كانوا جميعا عدو. فبمن