أنفسهم) (1)، روى البخاري عن أبي هريرة. قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة اقرءوا إن شئتم " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم " (2)، وقال المفسرون: إنه أولى بهم منهم.
ومعنى الأولوية. هو رجحان الجانب إذا دار الأمر بينه وبين ما هو أدنى منه.
فالمحصل: إن ما يراه المؤمن لنفسه من الحفظ والمحبة والكرامة واستجابة الدعوة. فالنبي أولى بذلك من نفسه. ولو دار الأمر بين النبي وبين نفسه في شئ من ذلك. كان جانب النبي أرجح من جانب نفسه. وعلى هذا فإذا توجه شئ من المخاطر إلى نفس النبي. فليلقه المؤمن بنفسه ويفده نفسه. وليكن النبي أحب إليه من نفسه. وأكرم عنده من نفسه. ولو دعته نفسه إلى شئ والنبي إلى خلافه. أو أرادت نفسه منه شيئا وأراد النبي خلافه. كان المتعين استجابة النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته وتقديمه على نفسه.
فمن قدم نفسه على النبي فهو في الحقيقة غير مؤمن حتى يقدم النبي على نفسه ويحسب إيمانه فقط من وقت تأخره وتقدم النبي. وعمر بن الخطاب رضي الله عنه خاض هذه التجربة. فيما رواه البخاري عن عبد الله بن هشام قال:
كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر. فقال له عمر: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شئ إلا من نفسي. فقال النبي: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك. فقال عمر: فإنه الآن لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي: " الآن يا عمر " (3)، فتقديم النبي على النفس والولد والوالد والقبيلة والحزب وأي مصلحة هو مفتاح الإيمان الحقيقي. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " (4)، ولأن النبي جعل نفسه هي نفس علي ابن أبي طالب رضي عنه في قوله تعالى: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا