أرطأة وأبو الأعور السلمي ومروان بن الحكم والجماح بن يوسف؟ وإذا كانت الإجابة: نعم تركها لهؤلاء الصحابة العدول الذين إذا أصابوا لهم أجران وإذا أخطأوا فلهم أجرا واحد. فنقول: وهل تستقيم مقدمات بدر وأحد مع هذه النتيجة؟ أي تفسير هذا الذي سيقدمه ابن أبي سفيان وهو يتحدث عن آيات القتال في بدر وفي أحد؟ وأي تفسير سيقدمه للمسجد الضرار ومحاولة اغتيال الرسول.
إن الحقيقة مرة. والمقدمات لا تستقيم مع النتائج. ويبدو أمام الباحث أن أمورا قد جرت. وللحقيقة نقول: إن الأمور الماضية يتعذر الوقوف على عللها وأسبابها ولا يعلم حقائقها إلا من شاهدها ولابسها. وللحقيقة أيضا نقول إن الأمور إذا اشتبهت. اعتبر آخرها أولها. أي يقاس آخرها على أولها. فحسب البدايات تكون النهايات. والقرآن الكريم يهدي العقول إلى استعمال ما فطرت على استعماله. وسلوك ما تألفه وتعرفه بحسب طبعها. وهو ترتيب المعلومات لاستنتاج المجهولات. والذي فطرت العقول عليه هو. أن تستعمل مقدمات حقيقية يقينية لاستنتاج المعلومات التصديقية الواقعية. وهو البرهان.
إننا إذا وضعنا أيدينا على الحقيقة الأولى عند المقدمة. ظهر لنا سلوك الحقيقة عند الخاتمة. وعلى السلوك نعرف الزائف والمزخرف الذي تاجر بالحقيقة ولم يسلك سلوكها. ويتم استبعاده. وإذا كان قد قيل: بأن العاقل هو الذي يضع الشئ في موضعه. فإن القرآن الكريم اشترط التقوى في التفكر والتذكر والتعقل. وقارن العلم العمل للحصول على استقامة الفكر وإصابة العلم وخلوصه من شوائب الأوهام الحيوانية والإلقاءات الشيطانية، ونحن في بحثنا هذا لا ندعي كمال البحث ولا ندعي أننا حسمنا موقفا. إن الذي أقدمنا عليه هنا. يخضع في المقام الأول. للبحث العلمي المجرد الذي يتناول الأفكار والمبادئ. ولا شأن له بالمناسبات التي صدر فيها هذا الحكم أو ذاك، نحن هنا نقوم بالقراءة المنصتة للمصادر. قراءة نقدية متفحصة تقييمية تعتمد على الطريقة السردية التي تقوم على القرآن والحديث والرواية التاريخية. وتمنح القراء خيطا يقودهم إلى البحث عن الحقيقة. ونحن وراء قراءتنا هذه مصممون على تقديم تاريخ يجتمع فيه جميع الخيوط سياسية ودينية واجتماعية واقتصادية. وبناءا على