منهم.
وبنفس المنطق الذي استولى به أبو بكر على الخلافة وجرد منها الأنصار استولى على فدك، إلى جانب منطق الحاجة السياسية والاقتصادية إلى مصدر مالي يجعله يقوم بأعمال شتى لتقوية دولته وحماية حكومته، فكان هذا المصدر المالي في ذلك الوقت هو فدك.
ففي سقيفة بني ساعدة خاطب أبو بكر الأنصار قائلا: "... وخص المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه [وفي ذلك إشارة إلى نفسه]، فهم أول من عبد الله في الأرض، وهم أولياؤه وعترته وأحق الناس بالأمر بعده، ولا ينازعهم فيه إلا ظالم ".
إذا، فما دام أبو بكر يرى أنه من أولياء النبي (صلى الله عليه وآله) وعترته، وهم بالتالي أحق الناس بالخلافة من بعده.. فكيف لا يكون هو أحق الناس بفدك وغير فدك؟! وما دام أنه يرى أحقيته في الخلافة، فلا بد أن يدعم هذا الحق بما تركه النبي (صلى الله عليه وآله) باعتباره خليفته من بعده، كما يرى، ولهذا كان لا بد من الاستيلاء على فدك هذه.
أما أبو حفص، فلم يكن يرى خلاف ما كان يراه أبو بكر، فهما في الأمر سيان، وقد تصافقا عليه وتوحدا، يقول ابن الخطاب مخاطبا الأنصار: " هيهات، لا يجتمع سيفان في غمد، من ذا يخاصمنا في سلطان محمد وميراثه ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة؟! " وبهذا يرفع أبو حفص النقاب، ويبدي سبب الاستيلاء على فدك جليا واضحا..
فانظر إلى قوله: " من ذا يخاصمنا في ميراث محمد وسلطانه "، فعمر كان يرى أنه هو و أبو بكر ورثة النبي (صلى الله عليه وآله)، لماذا؟ لأنهما أولياؤه وعشيرته!
وإذا كان من حق أبي بكر وعمر أن يرثا الخلافة بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، فكيف لا يكون من حقهما أن يرثا إرثهما في فدك وغيرها؟! وبعد حصول إرث الخلافة، فماذا يمنع من حصول إرث كل شئ آخر، لا سيما إذا كان مربوطا بالخلافة سياسيا واقتصاديا؟!
يقول عمر بن الخطاب: " لما قبض النبي (ص) جئت أنا وأبو بكر إلى علي، فقلنا: ما تقول فيما ترك رسول الله (ص)؟