المؤمنين (عليه السلام)، إذا فالظن بالصدق لا يستفاد من مفاد الحديث، ويسقط بالتالي عن الاعتبار.
إن أبا بكر، لا يستطيع بهذا الحديث الذي انفرد بروايته وحده أن يمنع الزهراء إرثها من أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله). كما أنه لا يستطيع أن يبطل ادعاءها بأن أباها قد نحلها فدكا، ذلك لأنه لا يمكن أن يدعي أن الزهراء قد طلبت ما ليس لها بحق لها جهلا منها أو كذبا، و حاشاها. إذا أنه بنفسه قد أثبت لها أنها ورثت من أبيها الإيمان والعلم والحكمة والسنة، فلا جهل مع العلم والحكمة والسنة، ولا كذب مع الإيمان الموروث. كما أنها لا سبيل إلى إبطال شهادة الإمام علي (عليه السلام)، لأنه يعرف مقامه جيدا، وقد سمع النبي (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي (عليه السلام) كرات ومرات: " أنت ولي كل مؤمن بعدي " (1).
وعلى هذا، فأبو بكر من موالي أمير المؤمنين كما هو واضح، وذلك لعموم الحديث، فلا يمكن أن يطوف بذهن الصديق أن الإمام عليا (عليه السلام) قد أخذته الحمية وجاء يشهد لزوجته شهادة زور وقد بلغ الإمام هذا المقام الولائي الذي يأتي بعد مرتبة النبي (صلى الله عليه وآله) بلا فصل، فأبو بكر يعلم كل ذلك ولم تخف في ذلك عليه خافية. ولكن المسألة لها اتجاه آخر، فالأمر لم يكن فصلا في قضية حكم فيها أبو بكر بما صدر من النبي (صلى الله عليه وآله) ومنع على أثرها الزهراء من أن ترث أباها، وإنما كان هذا ظاهر القضية لا غير.
في الواقع إن أبا بكر ومن تصافق معه قد استكثروا ما تركه النبي (صلى الله عليه وآله) على الزهراء وزوجها وابنيهما (عليهم السلام). وقد كان أبو بكر يرى نفسه أولى من غيره بالنبي (صلى الله عليه وآله) فيكف لا تكون فدك في يده هو، لا سيما وأنه قد تسلم زمام الخلافة؟! فاعتبار نفسه بأنه من عشيرة النبي (صلى الله عليه وآله) من ناحية، والحاجة إلى تقوية موقفه السياسي من حيث الجانب المالي من ناحية أخرى.. كل ذلك جعله لا يرى سببا يجعل كل فدك في يد علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، لا سيما وأن هؤلاء الأربعة يمثلون خطرا سياسيا له، وأنه بأخذ فدك منهم، وضرب الحصار السياسي عليهم بعد الإضعاف المالي، سيأمن على خلافته