نحلتها من أبيها!
غير أن أبا بكر لما كان مستيقنا من أنه لا بد أن يكون للزهراء إرث من أبيها بأي حال من الأحوال، قال لها: إنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " إنا معشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة ولا أرضا ولا عقارا ولا دارا، ولكنا نورث الإيمان والحكمة والعلم والسنة " (1).
ولعمري، لقد أراد أبو بكر أن يرد ادعاء الزهراء وينفي إرثها من أبيها، ولكنه أثبت لها ذلك من حيث لا يشعر، فإنه بغض النظر عن الذهب والفضة والأرض والعقار والدار، قد أثبت للزهراء إرث الإيمان والحكمة والعلم والسنة من أبيها!! إذا، فهي قد ورثت من أبيها الأرض أيضا، ذلك لأنها ورثت الإيمان من أبيها فلا سبيل للكذب وادعاء الباطل إليها، إذ أن هذا الإيمان يعصمها بلا ريب من ادعاء شئ ليس لها فيه حق، وإن ادعت شيئا فادعاؤها حق لا شبهة فيه.
وإذا كانت قد ورثت العلم والسنة فالزهراء (عليها السلام) إذا هي أعلم بالسنة من أبي بكر، ولا يجوز - مع وراثتها السنة من أبيها - أن تجهل حديثا يعلم به أبو بكر دونها ودون ابن عمها، وأبو بكر ليس بوارث شيئا من علم وسنة النبي (صلى الله عليه وآله). والحديث الذي رواه يمنع به إرث الزهراء حديث انفرد به هو دون والصحابة، فكيف جهلت الزهراء هذا الحديث وهي وارثة السنة؟! فهذا أمر لا يستقيم له عود، لذا فمعارضتها تبطل الحديث.
ومن المعلوم أن حديث أبي بكر هذا من أخبار الآحاد، وحتى إذا لم يعارضه في مفاد هذا الحديث أحد، فهو لا يفيد إلا الظن بصدقه هذا مع عدم المعارضة، فكيف الحال إذا تمت المعارضة، ولا سيما إذا تمت من الزهراء (عليها السلام) وأمثالها من بين النبوة؟! إذا فالحديث يتنزل حتى من درجة إفادة الظن في الصدق، بعد المعارضة، إلى أسفل الدرجات، وتبطل به الحجة.
يقول صاحب فواتح الرحموت عن الذي يحدث بخبر الواحد: " إذا أخبر بحضرة خلق كثير فأمسكوا عن تكذيبه، يفيد ظن صدقه " (2)، ولكن قد كذبته الزهراء وأمير