بالباطل وبلا حق يؤيدها. فالرسول (صلى الله عليه وآله) ما قرن غضبه بغضبها، ورضاه برضاها إلا لأنها صادقة حين ترضى ومحقة حين تغضب على الدوام.. فكيف ابتعدت أفهام أبي بكر عن ذلك وغمرته الغفلة عن هذا؟!
إن الزهراء ما كانت تحتاج في مطالبتها بإرث أبيها إلى الخروج أمام المهاجرين والأنصار وتخاطبهم باللهجة التي قرأت لولا ثقل الظلم الذي كانت تنوء به هي نفسها، ولولا يقينها الذي لا يشوبه الظن بخطأ أبي بكر في هذا الأمر، سواء أكان ذلك الحكم أن ليس للرسول (صلى الله عليه وآله) إرث لبنته، أو رده ادعاءها بأن أباها (صلى الله عليه وآله) قد نحلها فدكا. وأعجب من ذلك رده شهادة رجل ما جرى الكذب على لسانه يوما منذ نعومة أظافره، رجل شهد له الله تعالى بالإيمان والاستقامة والصلاح.. فعن علي (عليه السلام)، قال: " جاء النبي أناس من قريش فقالوا: يا محمد، إنا جيرانك وحلفاؤك، وإن أناسا من عبيدنا قد أتوك ليس بهم رغبة في الدين ولا رغبة في الفقه، إنما فروا من ضياعنا وأموالنا، فارددهم إلينا، فقال لأبي بكر: ما تقول؟
قال: صدقوا، إنهم جيرانك.. قال: فتغير وجه النبي (ص)، ثم قال لعمر: ما تقول؟
قال: صدقوا، إنهم لجيرانك وحلفاؤك.. فتغير وجه النبي (ص)...
فقال: يا معشر قريش، ليبعثن الله عليكم رجلا قد امتحن الله قبله بالإيمان، فيضربكم على الدين.
فقال أبو بكر: أنا يا رسول الله؟
قال: لا.
قال عمر: أنا يا رسول الله؟
قال: لا، ولكنه الذي يخصف النعل.. وكان قد أعطى عليا نعله يخصفها " (1).
فلقد كان هذا كافيا لأبي بكر بأن يقبل شهادة الإمام علي، ويحكم لصالح الزهراء، ويقبل ادعاءها بلا أدنى شك.
لقد كانت لخزيمة بن ثابت شهادة عدلين لصدقه، فهل كان خزيمة أصدق من