دعوة إلى سبيل المؤمنين - طارق زين العابدين - الصفحة ٨٤
(وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله)، وقال: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين)، وقال: (إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين). وزعمتم أن لا حق ولا إرث لي من أبي ولا رحم بيننا! أفخصكم الله بآية أخرج نبيه (ص) منها، أو تقولون: أهل ملتين لا يتوارثون؟! أولست أنا وأبي من أهل ملة واحدة؟! لعلكم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من النبي (ص) (أفحكم الجاهلية يبغون) " (1)؟
فمن الواضح أن الزهراء (عليها السلام) كانت شديدة على أبي بكر وقومه في مسألة ميراثها من أبيها، فاضطرها ذلك لأن تخرج وتخاطبه أمام الناس داحضة ما ادعى سماعه من النبي (صلى الله عليه وآله) في عدم توريثه، وأن ما تركه صدقة، فاحتجت الزهراء (عليها السلام) عليه بآيات التوريث، وأشارت إلى عموم حكم الوراثة.
وفي قولها: " لعلكم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من النبي (صلى الله عليه وآله) " إشارة إلى أنه لو كان ثمة شئ لما خفي على النبي (صلى الله عليه وآله) حتى يعلموه هم دونه. ولما كان النبي (صلى الله عليه وآله) أعلم بهذا الأمر منهم فهي تعلم ذلك أيضا، إذ أنها مسألة لا يمكن أن تجهلها الزهراء ويعلمها أبو بكر وحده، فهي وارثة علم أبيها، كما شهد به أبو بكر نفسه.
وأبو بكر يعلم يقينا قدر زهراء (عليها السلام) وبعدها عن الكذب وادعاء الباطل، ذلك لأنه سمع مرارا قول النبي (صلى الله عليه وآله): " فاطمة بضعة مني، يغضبني ما يغضبها "، لأن هذا الغضب لا يمكن أن يكون بلا وجه حق، وإلا لكان النبي (صلى الله عليه وآله) قاسيا على الناس وأبي بكر بفرض إرضاء الزهراء رغم ظلمها للناس بالغضب عليهم بلا أساس. فأبو بكر يعلم هذا، ولذا كان عليه أن يجعل غضبها دليلا على خطئه وبعده عن الحق في مسألة ميراث هذه، وأن يجعل رضاها عنه عنوانا على صحة وسلامة منهجه وتصرفه في مسألة ميراثها، لأنه لو قدر لأبي بكر أن يحكم بهذا في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) لغضب عليه ومنعه، لأن الزهراء كانت ستغضب غضبها ذاك، وهذا مما يغضب النبي (صلى الله عليه وآله) كما عرفنا.
وإذا صححنا لأبي بكر حكمه في ميراث الزهراء ومنعها إياه، فعلينا أن نحكم بأن النبي (صلى الله عليه وآله) قد ترك لبنته زمام الغضب تسوقه متى شاءت على من شاءت من الناس،

(١) بلاغات النساء لابن طيفور ص 16 - 17.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 7
2 تمهيد 10
3 الانسان بين الواجب الدنيوي والمصير الأخروي 13
4 وجوب التحقيق في أمر العقيدة 16
5 متطلبات التحقيق في أمر العقيدة 19
6 الأسباب الموجبة للتحقيق في أمر أمر العقيدة 22
7 أولا: الفتن والاختلافات الحادة 22
8 ثانيا: تعدد الفرق الاسلامية 23
9 ثالثا: بعد المسافة الزمنية بين زماننا وزمان النبي صلى الله عليه وآله 23
10 رابعا: حصار أهل البيت وتكميم أفواههم 24
11 اختلاف المسلمين حول ولي الامر بعد النبي صلى الله عليه وسلم 28
12 الفصل الأول: عدالة الصحابة مقدمة في عدالة الصحابة 33
13 تعريف الصحابي 34
14 تعريف العدالة 35
15 الباب الأول: حديث اقتداء بالصحابة 39
16 شرب الخمر 41
17 الفرار من الزحف وشماتة البعض 42
18 كتمان الشهادة! شهادة الزور 44
19 سب الإمام علي عليه السلام 45
20 اختفاء المنافقين بين الصحابة 48
21 الباب الثاني: حديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء 54
22 إشكالات على الحديث 55
23 اختلاف علي عليه عليه السلام وعثمان رضي الله عنه 58
24 إخبار النبي صلى الله عليه وآله لأبي بكر بالاحداث 59
25 محدثات أبي حفص 61
26 مخالفة الصحابة للخلفاء الأربعة 64
27 مخالفة سعد بن عبادة لأبي بكر وعمر 65
28 خلاف بعض الصحابة للخليفة الرابع 66
29 مخالفة عائشة لعثمان وعلي رضي الله عنهم 68
30 (الفصل الثاني: حديث اقتداء بأبي بكر وعمر) الباب الأول: الاقتداء بأبي بكر وعمر 73
31 من هي الزهراء؟ 75
32 ماذا كان بينها وبين أبي بكر وعمر؟ 80
33 الباب الثاني: مواقف عمر من أقوال وأفعال النبي صلى الله عليه وآله 95
34 عمر وصلح الحديبية 97
35 عمر وصلاة النبي على ابن أبي المنافق 109
36 ضرب عمر لمبعوث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 113
37 عمر ورزية يوم الخميس 115
38 تزييف الاعتذار من نواح أخر 120
39 (الفصل الثالث: خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه) الباب الأول: استخلاف النبي صلى الله عليه وآله لأبي بكر في الصلاة 131
40 الحديث المروي في صلاة أبي بكر 132
41 بحث السند 133
42 حديث أبي موسى الأشعري 133
43 حديث عبد الله بن عمر 135
44 حديث عبد الله بن زمعة 137
45 حديث عبد الله بن عباس 138
46 حديث عبد الله بن مسعود 139
47 حديث بريدة الأسلمي 140
48 حديث سالم بن عبيد 140
49 حديث أنس بن مالك 142
50 حديث عائشة 143
51 حديث عائشة عن الأسود 144
52 حديث عائشة عن مسروق بن الأجدع 147
53 هل صلى أبو بكر بالناس؟! 150
54 الباب الثاني: إجماع الصحابة على أبي بكر الصديق رضي الله عنه 153
55 دلالة الحديث على صلاة أبي بكر 160
56 الباب الثالث: الشورى 179
57 السقيفة والشورى المزعومة 181
58 ترك الامر للناس والشورى 185
59 (الفصل الرابع: أولو الامر هم أهل البيت عليهم السلام) الاستخلاف واجب على النبي صلى الله عليه وآله 191
60 من هم أولو الامر 196
61 نظر الإمام الرازي 198
62 نظر ابن جرير الطبري 207
63 أولو الامر هم أهل البيت عليهم السلام 213
64 ما هي العصمة؟ 219
65 أهل بيت النبي معصومون 221
66 دلالة آية التطهير على العترة من خلال العصمة 221
67 دلالة حديث الثقلين على عصمة العترة 225
68 دلالة " حديث السفينة " على عصمة العترة 232
69 خلاصة البحث 237
70 من هم أهل البيت؟ 238
71 (الفصل الخامس: الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وآله علي عليه السلام) خلافة علي عليه السلام في آية الولاية 249
72 علي عليه السلام ولي كل مؤمن بعد النبي صلى الله عليه وآله 254
73 خلافة علي عليه السلام في حديث الدار والانذار 259
74 خلافة علي عليه السلام في حديث الثقلين 262
75 عمر بن الخطاب يقول الحق!! 265