ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية النبي (ص)، حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم، فنيطت دونها ملاءة، ثم أنت أنة أجهش لها القوم بالبكاء وارتج المجلس، ثم أمهلت هنيهة حتى إذا سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم، افتتحت كلامها بحمد الله عز وجل والثناء عليه والصلاة على رسول الله [(صلى الله عليه وآله)] ثم قالت:
" أنا فاطمة! ابنة محمد، أقول عودا على بدء، (لقد جاءكم سول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)، فإن تعدوه تجدوه أبي دون آبائكم وأخا ابن عمي دون رجالكم... ثم أنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا!! (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)؟! يا ابن أبي قحافة! ترث أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريا، فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد (ص)، والموعد يوم القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون "، وعج المكان ببكاء الناس.
ثم خاطبت الأنصار فقالت: " إيها بني قيلة، اهتضم تراث أبي وأنتم بمرأى ومسمع، تبلغكم الدعوة ويشملكم الصوت، وفيكم العدة والعدد، ولكم الدار والجنن، وأنتم نخبة الله التي انتخب، وخيرته التي اختار. باديتم العرب، وبادهتم الأمور، وكافحتم البهم، حتى دارت بكم رحى الإسلام، ودر حلبه وخبت نيران الحرب، وسكنت فورة الشرك، وهدأت دعوة الهرج، واستوثق نظام الدين، أفتأخرتم بعد الإقدام؟! ونكصتم بعد الشدة؟! وجبنتم بعد الشجاعة عن قوم نقضوا إيمانهم من بعد عهدهم، وطعنوا في دينكم (فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون)... ألا قد قلت لكم ما قلت على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم، وخور القناة وضعف اليقين، فدونكموها فاحتووها مدبرة الظهر، ناقبة الخف، باقية العار، موسومة الشعار، موصولة بنار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة، فبعين الله ما تعملون، ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) " (1).
ثم قالت فيما خاطب به أبا بكر وأصحابه: " أفعلى عند تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم، إذ يقول الله تبارك وتعالى: (وورث سليمان داود)، وقال عز وجل فيما قص من خبر يحيى بن زكريا: (رب هب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب)، وقال عز ذكره: