العالمين؟ " (١).
فهذه هي الزهراء، سواء كانت سيدة نساء العالمين، أو سيدة نساء المؤمنين، أو نساء هذه الأمة، إذ أن ذلك من مسلمات الأمور وبديهياتها.
وبالتأكيد لم يكن النبي (صلى الله عليه وآله) مبالغا في وصف الزهراء بهذا الوصف وإعطائها هذه السيادة، ولم يكن وضعه إياها في هذا المكان السامق من قبيل المحاباة لبنته، لماذا؟
ذلك لأنه هو النبي الصادق، وهو الرسول العدل، بل لأنه لا ينطق عن هوى النفس ولا بغير الوحي، إنما نطقه وحي يوحى من الله تعالى، فهو إذا براء من التلفظ تبعا لما تهوى نفسه وتشتهي. بل إن هذه السيادة وتلك الرفعة الفاطمية لم تكن نالتها بسبب خارج عن إيمانها ويقينها وتقواها، أي ليس لأنها بنت النبي (صلى الله عليه وآله) فنالت هذه السيادة دون أن يكون لها صفة تؤهلها ذاتا لذلك المقام الرفيع، فهي إذا إن لم تكن لها تلك الأهلية الإيمانية لا يمكن أن تحظى بهذه الصفة وتنال مقاما لم يتوفر إلا لأربعة نساء (٢) في الوجود، فتتربع عليه على هذا الأساس من الكمال والفائق.
ويقول تعالى: ﴿والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ﴾ (3).. فانظر كيف اشترط الله الإيمان السابق حتى يكون علة لإلحاقهم بآبائهم وإعطائهم ما لهم من الثواب دون نقصان. فالإيمان السابق إذا هو تلك الأهلية التي يجب أن تتصف بها الذرية. وهكذا الزهراء، نالت هذا المقام بذلك الإيمان، والرسول (صلى الله عليه وآله) ما هو إلا كاشف عن هذا المقام الفاطمي.
والإيمان - كما هو معلوم - بين زيادة ونقصان، ولما علم نيل الزهراء لهذا المقام الإيماني علم أن إيمانها ويقينها وتقواها مما بلغ شأوا وجعلها في المقام المحمدي غير ممنون. ومما يؤكد ما ذهبنا إليه ما رواه إمام الحنابلة: " عن عبد الرحمن الأزرق، عن علي (عليه السلام)، قال: دخل علي رسول الله (ص) وأنا نائم على المنامة، فاستسقى الحسن أو الحسين.