أمري هذا، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟! ".
ومن الأمور التي يجب الانتباه إليها هي أن عرض النبي صلى الله عليه وآله الخلافة على بني عبد المطلب باشتراط العون والمؤازرة، ليس هو أمرا جاء على هوى النبي الأكرم، إنما هو أمر إلهي بلا ريب، لأنه من الواضح أن قبول مؤازرة النبي صلى الله عليه وآله في أمر الدين والدعوة إليه هو في الواقع قبول لهذا الدين وتحصيل للإيمان بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وآله. ولهذا كان ثمن الخلافة في الواقع هو هذا الإيمان المبكر بدين الله، ولهذا نسب الله تعالى الولاية لرسوله معرفا إياه بصفة الرسالة المتضمنة للإيمان بالله، فلما أراد نسبتها إلى خليفة الرسول نسبها إليه معرفا إياه بعلة الاستحقاق وهي الإيمان، ولهذا قال: (والذين آمنوا)، وهو تعريف لهم بهذا الإيمان المبكر. ولهذا كان علي ولي كل مؤمن بعد النبي صلى الله عليه وآله. لقبوله العرض الذي كان ثمنه الإيمان في حقيقة الأمر.. وهكذا أولو الأمر.
فهل تحقق هذا الإيمان في علي عليه السلام، عندما قبل مؤازرة النبي صلى الله عليه وآله في أمره الذي بعث به؟!
بالتأكيد أن الإيمان كان قد اتخذ شكله في قلب علي عندما نهض معلنا مؤازرته لنبي الله الكريم. ولقد اطمأن النبي صلى الله عليه وآله لصدق علي ويقينه وإيمانه بهذا الدين يومئذ، فأعلن خلافته في الحين، وخاطب كبار القوم بالسمع والطاعة له باعتباره خليفته ووليه من بعده. ولهذا جاءت الإشارة إليه في الآية بعد الرسول صلى الله عليه وآله بعبارة: (والذين آمنوا)، أي في ذلك الوقت الذي كان على قد قبل الإيمان فيه وقبل مؤازرة النبي الكريم فنال الخلافة.
إن إيمان علي في ذلك الوقت ينضح به قلبه في خطابه للنبي الكريم بقوله: " أنا أعينك عليه يا نبي الله ". فانظر وتدبر في قوله " يا نبي الله " تراه قد أثبت في هذه العبارة النبوة لمحمد صلى الله عليه وآله، وأقر له بكونه من جانب الله تعالى، بإضافة كلمة " نبي " إلى لفظ الجلالة " الله " سبحانه وتعالى، وعمره يومئذ عشر سنوات!
وهذا يدل بوضوح على كمال إيمانه ورجاحة عقله رغم صغر سنه. ونحن نعلم أن قلة العمر أو زيادته ليست معيارا لتحديد كمال العقل والإيمان. ودونك القرآن يصرح