تعالى نبيه صلى الله عليه وآله بإنذار ودعوة الأقارب من عشيرته والتماس العون فيهم، للقيام بنشرها والصدع بها بين الناس، ولهذا فلما نزل قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) جمع النبي صلى الله عليه وآله إليه أعيان أهله من قريش، أولئك الذين كانت لهم الصولة والكلمة بين الناس في مجتمع العرب يومئذ، وفيهم أعمامه حمزة والعباس وأبو طالب.
فلما اجتمعوا عنده، واستطعموا مما صنعه لهم، خاطبهم فقال لهم في حديث طويل:
يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على أمري هذا، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟
فأحجم القوم عنها غير علي، وكان أصغرهم سنا، إذ قام وقال: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه (1).
فأخذ رسول الله برقبته، وقال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا.
فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع! (2) وهكذا بدأ تشييد أركان الرسالة، بتعيين خليفة رسول الله الأكرم، ولا غرو، إذ في وجوده ضمان استمرارية الرسالة.
إن استحقاق الخلافة بعد النبي صلى الله عليه وآله يتحقق بالمؤازرة والمعونة للنبي الأكرم في أمر الدين ونشر دعوته، وهذا صريح في قوله صلى الله عليه وآله لبني عبد المطلب: " فأيكم يؤازرني على