يدك يا أبا بكر أبا عك، فمد يده وبايعه عمر.
إذا، فلو كان قوم أهل البيت في قول عمر: " أتدري ما منع قومكم منكم..؟! " هم الذين كرهوا اجتماع النبوة والخلافة لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله، فهؤلاء القوم هم المهاجرون بلا ريب. ولما لم يكن من المهاجرين في السقيفة غير أبي بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف.. فهم القوم الذين كرهوا ذلك. بل عندما جاء عمر إلى بيت النبي صلى الله عليه وآله - والمسلمون قد تجمعوا هناك وعلي مشغول في غسل جسد النبي صلى الله عليه وآله الطاهر - أخبر عمر أبا بكر باجتماع الأنصار في السقيفة خفية، ولم يطلع عليا بذلك.
وبهذا يتضح أن الذين كرهوا اجتماع النبوة والخلافة لأهل البيت وأن قريشا التي اختارت لأنفسها.. ليسوا سوى أبي بكر وعمر، فهما اللذان كرها واختارا، وهما اللذان استصغرا عليا عليه السلام على الخلافة.
فقد قال عمر لابن عباس: " يا ابن عباس، ما أرى صاحبك (يعني عليا) إلا مظلوما "، غير أنه قال هذه المرة: يا ابن عباس، ما أظن منعهم عنه إلا أنه استصغره قومه!
قال ابن عباس: فقلت: والله ما استصغره الله ورسوله حين أمراه أن يأخذ " براءة " من صاحبك " (1)، يعني بذلك أبا بكر.
وقد وضح لك من هم القوم الذين استصغروا عليا. بيد أن الصغر أو الكبر في العمر ليسا دليلا على القدرة أو عدمها في القيام بأعباء المسؤوليات. والأمثلة كثيرة لتأييد ذلك، فقد ولى النبي صلى الله عليه وآله أسامة بن زيد قيادة الجيش في حرب الروم وله من العمر - على أكثر التقديرات - عشرون عاما، وكان أبو بكر وعمر وطلحة والزبير وغيرهم من المهاجرين والأنصار جنودا في ذلك الجيش يعلمون بأمر أسامة.
فهل كان النبي صلى الله عليه وآله يولي الصغار والأطفال على كبار السن، ويسند إليهم قيادة الجيوش لعبا ولهوا؟!
بل قال النبي صلى الله عليه وآله عن أسامة عندما طعن الناس فيه: " إنه لخليق للإمارة ".. فكيف