حق التصرف في إدارة شؤون الناس، وهو الإمام والراعي.
ثم إن الخطاب في قوله عليهم السلام (إنما وليكم) يمنع شمول حق التصرف للجميع، فالولي المتصرف هذا بسبب الخطاب يلزم أن يكون خارجا عن المخاطبين، لأنه لا يجوز أن يكون الفرد الواحد وليا ومولى أو مخاطبا به ومخاطبا في وقت واحد. ولا يجوز أن يكون الفرد الواحد وليا ومولى أو مخاطبا به ومخاطبا في وقت واحد، إذ أن هذا يستوجب الاتحاد بين المخاطب به والمخاطب، أو بين الولي والموالي، وهذا محال.
فلو قال المعلم للتلاميذ: إنما رئيسكم الذين طالعوا دروسهم، فلا يمكن أن يكون كل المطالعين رؤساء، لأن الخطاب يحكم بوجود طرفين، رئيس ومرؤوس وهم سائر التلاميذ.. فالخطاب دائما يستلزم التفكيك بين الرئيس والمرؤوس، وقوله تعالى: (إنما وليكم) كذلك، فبسبب الخطاب يلزم التفكيك بين الولي والمخاطب به والموالي وهم المخاطبون، وهذا أمر بديهي وواضح.
ولهذا لا يمكن أن يكون المعني بقوله: (إنما وليكم) هم كافة المؤمنين، للاستحالة في اتحاد طرفي الخطاب (مخاطب به ومخاطب).
على أن الصفات التي ذكرها الله تعالى في الآية واصفا بها (الذين آمنوا) تبين عدم شمول الأمر للجميع، فبقوله تعالى: (الذين يقيمون الصلاة) يخرج الذين لا يقيمونها من المؤمنين، أو أولئك الذين لا يقيمونها على الوجه المطلوب، لأن الله تعالى لم يقصد إلا المعنى الأكمل في إقامة الصلاة، وليس صلاة كل المؤمنين كذلك.
وبقوله: (ويؤتون الزكاة (1) وهم راكعون) يخرج أولا الذين لا يؤتون الصدقات بتاتا تكاسلا وإهمالا، أو جهلا بقدرها، ويخرج ثانيا الذين يؤدونها ولكن ليس في حال الركوع، بل يخرج من يؤديها في ركوعه بعد نزول الآية، لاختصاص الآية بالموقف الأول.
لأن الموقف الأول سبب في نزول الآية، وأما الموقف الثاني فقد كانت الآية سببا في حدوثه.