ولو فرض أن عليا عليه السلام مختص بهذا المحبة وتلك النصرة للمؤمنين دون غيره من الصحابة.. فلماذا انحصرت محبته للمؤمنين ونصرته لهم بعد زمان النبي صلى الله عليه وآله، كما يقول من يفسر الولاية بالمحبة؟!
ألم، يقل النبي صلى الله عليه وآله لعلي: أنت ولي كل مؤمن بعدي، وقوله صلى الله عليه وآله لهم: إنه وليكم بعدي، فلازم هذا هو أن لا تكون لعلي محبة ونصرة للمؤمنين في زمان النبي صلى الله عليه وآله!
إذا، فليس معنى الولي في الآية وهذه الأحاديث هو الناصر والمحب، وإنما المعنى هو المتصرف والمتولي أمر المسلمين من بعد النبي صلى الله عليه وآله.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله في حديث طويل ذكره أحمد بن حنبل في مسنده عن عمر بن ميمون، وهو حديث يتضمن خصالا لم تكن لأحد غيره من الصحابة منها قوله:
" وخرج رسول الله في غزوة تبوك، وخرج الناس معه، فقال له علي: أخرج معك؟
فقال: لا.
فبكى علي [عليه السلام]، فقال له رسول الله [صلى الله عليه وآله]: " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه ليس بعدي نبي. إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي " (1).
وهذا من الأحاديث التي أوضح فيها النبي صلى الله عليه وآله خلافة علي بكل صراحة ووضوح.
فأنت ترى أنه يمنح عليا كل مرتبة يمكن أن تكون لنبي إلا النبوة. والنبي صلى الله عليه وآله جامع لكل المراتب، وهي النبوة والإمامة والتصرف، فأعطاها لعلي مستثنيا منها النبوة، بقوله:
إلا أنه ليس بعدي نبي.
والنبي صلى الله عليه وآله لم يكن يعني باستخلاف علي على المدينة أن يكون ذلك في لحظة غيابه غازيا فحسب بل يمتد هذا الاستخلاف إلى ما بعد وفاة وذهاب النبي صلى الله عليه وآله، لأنه لو لم يكن يعني ذلك لنفى عنه النبوة، كان يقول: إلا أنه ليس معي نبي كما ليس بعدي نبي، لا بقوله: ليس بعدي نبي. فالنبي صلى الله عليه وآله إذا كان يتحدث عن زمان بعد زمانه، فيكون معنى قوله صلى الله عليه وآله هو: لك يا علي كل ما لي من وظائف ومسؤوليات من بعدي إلا النبوة، لأنه ليس نبي بعدي. فالكلام عن المستقبل لا الحاضر وإن كان استخلافه له في المدينة في