مبتدئا خلافتهم بخلافة علي عليه السلام، فقال موصيا لهم:
" أيها الناس، يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي، وقد قدمت إليكم القول معذرة لكم، ألا إني مخلف فيكم كتاب الله عز وجل، وعترتي أهل بيتي ". ثم أخذ بيد علي فرفعها، فقال:
" هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي، لا يفترقان حتى يردا على الحوض ". (1) وبهذا توج النبي الأكرم خلافة العترة بإعلانه خلافة القرآن في علي وخلافة علي في خلافة القرآن، ولا ننسى هنا قول النبي صلى الله عليه وآله لبني عبد المطلب: " فأيكم يؤازرني على أمري هذا، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟! " ولا ننسى قبول علي هذا العرض الإيماني الإلهي، وقبوله المؤازرة. ومن الطبيعي أن يفي الله تعالى بوعده، ولا بد للنبي صلى الله عليه وآله أن يعطي عليا ثمن المؤازرة التي شهدت لها السماء: " لا فتى إلا علي، لا سيف إلا ذو الفقار "، وكان علي مع القرآن والقرآن مع علي، وكان هو الخليفة الأول في سلسلة خلافة العترة. وليس هذا الاعلان بجديد، فقد سمعناه في أول الدعوة، وها نحن نسمعه في اللحظات الأخيرة من أيام الداعي الأعظم. وبين البداية والنهاية كانت إعلانات عديدة، فقبل من قبل، وأبى من أبى، لشئ في نفس يعقوب!
وإني لا أرى في قبالة هذا الأمر الذي يبين معية علي والقرآن، والقرآن وعلي.. إلا البخوع والسرور بخلافة علي عليه السلام، عديل القرآن وقرينه. وما أجمل أن ينصاع المؤمن لأمر هكذا، لا لشئ سوى قوة الحجة وصراحة الدليل ولياقة أمير المؤمنين علي عليه السلام.
وبعد هذا لا يجوز بأي حال من الأحوال اتباع الناس دون العترة، لأن النبي عليه السلام أمر باتباع العترة والتمسك بهم دون غيرهم من الناس، إذ أن الواجب التعبدي يلزم كل أحد باتباع العترة لأداء الطاعة لنبي الإسلام الكريم في أمره بذلك. وهذا الأمر النبوي باتباع علي عليه السلام وذريته يجب أن يدرك من خلال قوله تعالى:
(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم