الناس، لأن أداء التكاليف والالتزام بالأوامر والانصراف عن النواهي يوجب التطهير ومحو الذنوب.. وعلى هذا يكون الله تعالى قد أراد إذهاب الرجس عن الناس، ففرض عليهم التكاليف ليتم لهم التطهير عن طريق الالتزام بالشرع والعمل به.
إن هذه الإرادة التي تستتبع تطهير النفس البشرية لا تتحقق إلا بأداء التكليف والشرع، فهي إرادة يمكن أن تتعلق بالفعل البشري الاختياري، ويمكن أن لا تتعلق به، لأن سبيلها هو القيام بأداء التكليف في الواقع، ومرادها عبر هذه الواسطة هو التطهير، ولهذا يمكن أن يتحقق ما أراده الله، ويمكن أن لا يتحقق، لأن الإنسان مختار في أداء التكاليف دون جبر من الله تعالى، فإذا أدى ما عليه من تكليف على النحو المطلوب طهر وذهبت ذنوبه فيتحقق ما أراده الله، وإذا لم يؤد ما عليه من تكاليف بقي في أدرانه النفسية ولا يطهر فلا يتحقق المراد، فالمسألة موصولة بموقف الإنسان من أداء التكاليف.
ولا غضاضة في أن لا يقع ما يريده الله تعالى عن طريق الإرادة التشريعية، لأن مدار الإرادة هذه هو فعل المكلف الاختياري.
ثم إن هذه الإرادة التشريعية لا تختص بأحد دون أحد أو قوم دون قوم، ذلك لأن كل الناس مطالبون بأداء التكاليف، فيكون الله تعالى قد أراد لهم جميعا التطهير من الذنوب والرجس.
إذا، فهي إرادة شاملة لكل فرد من المسلمين، ولا يتحتم تحققها، لأن من الناس من يقوم بأداء التكاليف، ومنهم من لا يعبأ بذلك.
ولكن كيف تستقيم عمومية الإرادة التشريعية هذه وشمولها لكل فرد وعدم اختصاصها بأحد من المسلمين مع الحصر الوارد في الآية الكريمة، والواضح في لفظة (إنما) التي تفيد الحصر كما هو معلوم؟
وكيف تستقيم تلك العمومية مع اختصاص الإرادة بالتطهير بفئة معينة من الناس؟
وكيف يستقيم أن تكون الإرادة تشريعية شاملة لكل فرد، عبر أداء التكاليف ومن خلال القيام بالشرع، وقد اختص الخطاب بأهل البيت دون غيرهم من الناس، كما هو واضح في الآية؟! إن أهل البيت ليس وحدهم المطالبين بأداء التكاليف والالتزام