وأما الترشيح.. فكيف لنا أن نطمئن لمن جاء بهم الترشيح، وأنهم ممن يملكون أهلية الحل والعقد دون منازع؟!
إن الانتخاب أو الترشيح قد يأتيان بالجاهل أو الفاسق أو المنافق أو بكل من هو بعيد عن هذه المسؤولية. والتجارب في ذلك كثيرة.
ثم كيف نتصور عصمة أهل الحل والعقد على رأي الإمام الرازي، لا سيما وأنها ناتجة عن عدم اجتماعهم على الخطأ؟! إن تحقق العصمة على هذا القول الذي ذهب إليه الرازي يواجه بمشكلتين أساسيتين:
الأولى: لا تتحقق هذه العصمة إلا بتحقق الاجماع، وقد أثبتنا عدم إمكانية وقوعه.
الثانية: أن الاجماع - من حيث هو - أمر اعتباري، إذ أنه لا يعدو أن يكون سوى الهيئة الاجتماعية الاعتبارية للمجتمعين، فلو نسبت العصمة إلى هذه الهيئة فهي - لاعتباريتها - ليس لها وجود متحقق، بل هي عدم محض. فكيف تتعلق العصمة بشئ عدمي، والعصمة هي في الواقع معلول للعلم اليقيني الذي هو حاصل للمعصوم؟!
وأما إذا نسبت إلى الأفراد من أهل الحل والعقد.. فمن ينسبها إليهم فلا بد له من دليل على ذلك. ولو أنه تحصل عليه فسيتفق مع الشيعة في قولهم: إن أولي الأمر هو الأئمة المعصومون، أو يقول بقولهم من حيث لا يشعر بهذا الاتفاق.
يقول الإمام الرازي: " إن الله تعالى أوجب طاعة أولي الأمر في هذه الآية قطعا، وإيجاب طاعتهم قطعا مشروط بكوننا عارفين بهم، قادرين على الوصول إليهم والاستفادة منهم. وإننا نعلم بالضرورة أننا في زماننا هذا عاجزون عن معرفة الإمام المعصوم... ".
أجل، فلو عصم الله تعالى أولي الأمر وأوجب طاعتهم على الناس ثم ترك للبشر التعرف عليهم بوساطة أنفسهم فصحيح أننا عاجزون عن معرفتهم ولا يستقيم لنا ذلك، ولكن لا يقومه كلام الرازي بأن إيجاب طاعتهم مشروط بكون الناس عارفين بهم.
لماذا؟!
ذلك لأن أولي الأمر معصومون، كما ثبت، وأوجبت طاعتهم قطعا، كما هو واضح،