ما هذه إلا خطرفة سببها تجويز إمامة الفاسق. وللسياسة في ذلك الوقت دور كبير في ظهوره هذه الفتاوى وانتشار تلك العقيدة: إمامة الفاسق!
لقد ذكرنا أن القول بأن النبي صلى الله عليه وآله لم يستخلف أحدا على المسلمين من بعده قول يحمل أخطر الاتهامات للنبي صلى الله عليه وآله، ذلك لأن أمر الله تعالى بطاعة أولي الأمر على سبيل من الجزم والقطع، كما هو واضح في قوله تعالى: (وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)..
يوضح أن أولي الأمر طاعتهم واجبة كطاعة صلى الله عليه وآله. ووجوب طاعة أولي الأمر توجب.
على النبي صلى الله عليه وآله تعيينه، فالقول بأن النبي صلى الله عليه وآله لم يستخلف اتهام له صلى الله عليه وآله بترك الواجب.
إن العقل يحكم بأن الأمر بإطاعة أولي الأمر وإيجاب طاعتهم إنما هو على قرار طاعة النبي صلى الله عليه وآله، مما يستوجب تعيينهم من قبل الله تعالى بوساطة نبيه الكريم، ولا يجوز ترك تعيينهم للناس، لأن ذلك ليس في مقدورهم، فمعرفة الناس لأولي الأمر - بدون أن يعرفهم الوحي لهم - يفرض أن الناس قادرون على المعرفة من تجب طاعته من البشر، في حين أن الناس ليسوا قادرين على ذلك.
ولو كان الناس استطاعتهم معرفة من وجبت طاعته من البشر - نبيا كان أم غيره - لما احتاج النبي صلى الله عليه وآله إلى إبداء المعجزة حتى يعجز الناس بأمره ويصدقوه فيطيعوه.
فالنبي صلى الله عليه وآله واجب الطاعة، ولكن اتهمه الناس بالكذب والسحر الجنون ولم يصدقوه، إذا فالناس لا يقدرون على معرفة أولي الأمر، ولم ترك لهم تعيين أولي الأمر فستنتج المفاسد التالية:
إما أن يولي الناس الفاسق، والله لم يأمر بطاعته، بل إنه لا يحب الفاسقين.
وإما أن يشتد الخلاف عند اختيار ولي الأمر، وتقع الفتن من الناس، لعصبياتهم وقبلياتهم وغيرها من صفات حب الذات. والاختلاف ممنوع، والنزاع يجب إرجاعه إلى الكتاب والسنة لفضه.
وأيضا إن هذا الواجب إن كان الناس مسؤولين عنه فيستلزم التكليف بما لا يطاق، لأنهم لا يعرفون أولي الأمر.
وإن لم يكونوا مسؤولين عنه فيستلزم البعث في أفعال الله تعالى - تنزه الله عن ذلك -