لأنفسها "..
ومن هذا نفهم جليا أن خلافة الصديق وما تلتها من خلافات إنما هي من صميم الرأي البشري. ولو كانت قريش قد وفقت وأصابت في ذلك لما وجدنا فيه اختلافا كثيرا، إذا أنه من عند غير الله، من قريش التي كرهت خلاف ذلك! وهو اجتماع النبوة والخلافة في بني هاشم!!
فلا يجوز إذا أن يفصل في مسألة من المسائل الأساسية في الدين بالرأي البشري.
وحدوث النزاع في أي أمر يلزمنا بالرجوع إلى الله تعالى وإلى الرسول، لوضع حد للنزاع عن طريق الوحي الفيصل، يقول تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا﴾ (1).
فحدوث النزاع في أي أمر يلزمنا بالنقاط التالية:
1 - مع حدوث النزاع لا يصح إبداء الرأي الخاص دون الرجوع إلى الوحي الإلهي.
2 - وجود الحلول الناجعة في القرآن والسنة لأي أمر يحدث فيه نزاع، ومن ثم يكون اختيار خليفة النبي صلى الله عليه وآله من الأمور التي كان من المفترض الرجوع فيها إلى الله ورسوله الكريم، لمعرفة الحق فيها.
ولما كانت مسألة السقيفة من أكبر المسائل التي تشعب فيها النزاع حول اختيار وتعيين الخليفة كان الفصل فيها بالرأي البشري من الأخطاء الفاحشة، ولهذا فالشورى باطلة في هذا الأمر المتنازع فيه. والخلاصة أن الأمور الدين لم تترك للأهواء والآراء البشرية، مهما بلغت من الرفعة والعلو.
ولهذا كانت حوادث السقيفة قد تمخضت عن فلتة، كما يقول عمر: كانت بيعة أبي بكر فلتة فتمت. كل ذلك لأن الرأي البشري هو الذي كان حاكما في السقيفة.
وأما آية (وشاورهم في الأمر) فلم يقصد منها أمر النبي صلى الله عليه وآله باستشارة أصحابه في أمور الدين، لأنها أمور يصدرها الوحي.