يعلي مركز الخلافة من شأن القبيلة التي ينتمي إليها الخليفة وبغض من شأن غيرها من القبائل فيميل ميزان العدل بين الناس) (1).
وقد كان الخليفة عمر معارضا " لقتال هذه القبائل التي لم تعلن ردتها عن الإسلام وإنما اختلط عليها الأمر في فهم بعض الأحكام الشرعية أو التطورات السياسية التي حصلت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وقال عمر لأبي بكر: (كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وأن محمدا " رسول الله، فمن قالها عصم مني ماله ودمه إلا بحقها، وحسابهم على الله) (2)، ولكن أبا بكر كان مصرا " على موقفه، وقال:
(والله لو منعوني عقالا " كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقاتلتهم على منعه) (3).
ومن ضحايا سياسة أبي بكر هذه مالك بن نويرة (والذي كان قد سبق وأن ولاه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على صدقات قومه لثقته به واعتماده عليه) (4) حيث أرسل الخليفة قائد جيوشه خالد بن الوليد لمقاتلة مالك وقومه بذريعة الردة عن دين الإسلام. ولما علم مالك بقدوم خالد، أخلى له الديار وأمر أصحابه بالتفرق تجنبا " للاقتتال. ولكن خالدا " أرسل في أثرهم حتى جئ إليه بمالك ونفر من قومه فحبسهم عنده، ولما كان وقت الصلاة صلوا جميعا " بمن فيهم مالك ومن معه، ثم سيق مالك ومعه زوجته وأصحابه إلى خالد. وبعد محاورات بين الفريقين، أصر خالد على قتل مالك وجماعته بالرغم من صلاتهم وكل تأكيداتهم له بإسلامهم، حتى أن مالكا " طلب من خالد أن يرسله إلى أبي بكر