وكان غضب فاطمة على أبي بكر عظيما " لدرجة أنها أوصت عليا " عليه السلام أن لا يصلي عليها أبو بكر ولا حتى أن يحضر دفنها كما يظهر ذلك من رواية عائشة: (... فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا "، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك، فهجرته ولم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ستة أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا "، ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها) (1).
وأرض فدك التي كانت تطالب بها فاطمة عليه السلام قرية من الحجاز كان يسكنها اليهود، وقد صالحوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عليها بعد هزيمتهم في خيبر، فكانت ملكا " للرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأنها مما لم (يوجف عليها بخيل ولا ركاب).
وذلك بالإضافة إلى ما ملكه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من خمس خيبر وصدقات النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة. فكانت هذه كلها ملكا " خاصا " به، ولا حق فيها لأحد غيره.
فالزهراء عليه السلام في هذه المسألة كانت - على رأي أبي بكر - تطالب بما ليس لها فيه حق، وهي بذلك تكون على أحد أمرين لا ثالث لهما. أولهما: إنها كانت كاذبة - والعياذ بالله - تطمع بأخذ ما تعلم أنه ليس لها فيه حق، وثانيهما: إنها كانت جاهلة بالعلم الذي يعلمه أبو بكر وقد التبست عليها أحكام الميراث.
ولا أحسب أننا بحاجة إلى تفنيد الاحتمال الأول. وأما الثاني فقد تكفلت الزهراء عليه السلام نفسها بتفنيده حين واجهت أبا بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار بالقول: (... وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا ولاحظ (أفحكم الجاهلية تبغون ومن أحسن من الله حكما " لقوم يوقنون) [المائدة / 50]، ويها " معشر المسلمة، أفي كتاب الله ترث أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريا... أعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول:
(وورث سليمان داوود) [النمل 16]، وقال فيما اقتص من خبر زكريا: (فهب