عصر دام بأبشع صور التمرد والعصيان عن طاعة أمير المؤمنين وخليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإمام الزمان!
وبسبب انتصار تلك الإرادة التمردية، وخصوصا " مع خذلان شيعة الإمام علي عليه السلام وتقاعسهم عن نصرة حقهم، وما تبع ذلك من تنازل الإمام الحسن عليه السلام لمعاوية بن أبي سفيان المتلهف للوصول للخلافة والملك مهما كلف الثمن، فكان الصلح الاضطراري حقنا " للدماء وحفاظا " للوجود الإسلامي من الزوال التام، فبذلك تكون الأمة قد اختارت مرة أخرى لنفسها منهجا " مغايرا " لما أراده الله، والذي جلت قدرته وحكمته لم يكن ليلزمها على الناس وهم لها كارهون!
ولأن هذه التحولات قد صاحبها كل أنواع الفوضى والاضطراب، وقد أحدثت التباسا " في الفهم لدى كثير من المسلمين في تلك الأثناء، لا سيما بعد مقتل عثمان، حتى قورن علي بمعاوية (!)، بل أنه وبفضل أجهزة الدعاية الأموية، فإن غالبية مسلمي الولايات والأمصار خارج مكة والمدينة أخذوا يصدقون أن عليا " عليه السلام قد حرف فعلا " سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وساعد على قتل عثمان، ولم يعد مستغربا " إذا أن يسب الإمام ويلعن على منابر جمع المسلمين، وأعيادهم، ثم تحدى معاوية لكل مشاعر المسلمين، ولكل قانون إلهي، ولكل سنة نبوية (أو حتى عمرية!) بتوريثه الخلافة لابنه الفاجر المراهق يزيد، وخلافا " لما تعاهد عليه مع الحسن عليه السلام، فإنه وبسبب كل هذه المستجدات، فقد أصبح بتقدير الإمام الحسين عليه السلام أنه لم يعد هناك إسلام يخاف خسارته، بل أنه رأى عليه السلام أن مسخ الدين أو القضاء التام عليه سيكون بالسكوت والرضا بالأمر الواقع، فكان قراره بعدم مبايعة مثل هذا اللون من أولياء الأمور، والثورة ضد هذا اللون من الأنظمة الإسلامية، لا ليجلس على كرسي الخلافة، وإنما لإزاحة اللثام عن قبح الوجه الأموي المتظاهر بالإسلام، فانفضح أمر هذا النظام، وانكشف في أقبح صوره