انقراض الغالبية العظمى لهذه الفرق، فإن الأمة لا زالت تدفع الثمن الغالي من جراء التنازع وسوء الظن بين ما تبقى من تلك الفرق.
وفي فترات سابقة وصل التعصب بين بعض أتباع المذاهب الأربعة - على سبيل المثال - حد التكفير، فهذا محمد بن موسى الحنفي قاضي دمشق المتوفى سنة 506 ه يقول: (لو كان لي من الأمر شيئا " لأخذت على الشافعية الجزية). وسئل أحد متعصبي الشافعية عن حكم طعام وقعت فيه قطرة نبيذ، فقال: يرمى لكلب أو حنفي) (1)!
ويروي الشيخ محمد الغزالي في أحد كتبه أنه عاش الزمن الذي كان يدخل المسجد تقام فيه أربع جماعات منفصلة للصلاة حسب المذاهب الأربعة. ووصل الأمر إلى مجال التراشق بوضع الأحاديث على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - من ذلك قول الأحناف: (سيكون في أمتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي)، ووضع الشافعية قولا " نسبوه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (عالم قريش يملأ طباق الأرض علما ") يقصدون بذلك محمد بن إدريس الشافعي - فرد عليهم الأحناف بحديث: (سيكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس أضر على أمتي من إبليس) (2).
ومن أمثلة هذا التعصب في زماننا نكتفي بالفتوى المؤرخة في 12 / 2 / 1412 ه والتي أصدرها الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو مجلس الإفتاء السعودي في تحريم أكل ذبائح الشيعة لأنهم برأيه مشركون ومرتدون ويستحقون بذلك القتل؟!.
وأمام هذا التعصب المذهبي الأعمى من جهة، وتلك النزاعات وأحيانا " الحروب بين المسلمين أنفسهم والمشحونة بالأهواء والنعرات الجاهلية من