الجاهلية يعبد الأصنام ويشرب الخمر ويأد البنات، بل هو نفسه كان يعترف بكثرة أخطائه التي أرتكبها بعد إسلامه، وفي نفس الوقت نغفل عن كل تلك الآيات القرآنية الساطعة بكمال رأي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسداده وعصمته في أمور الدين والدنيا، وبراءته من كل نقيصة وذنب مهما صغر، بل وما يقتضيه العقل السليم بضرورة كون مبلغ الرسالة مثالا " ورمزا " في العلم والخلق! ومن تلك الآيات قوله تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) [الحشر / 7]، وقوله: (إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر قليلا " ما تؤمنون * ولا بقول كاهن قليلا " ما تذكرون * تنزيل من رب العالمين) [الحاقة / 40 - 43]، وقوله سبحانه وتعالى: (إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين * وما صاحبكم بمجنون) [ التكوير / 19 - 22]، وقوله تعالى: (ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى * علمه شديد القوى) [النجم / 2 - 5].
فبالرغم من كل هذه الأدلة القطعية على عدم احتمال فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو تفوهه إلا بما هو حق وصواب في جميع شؤون الدين والدنيا، ودون أي استثناء، فإنك تجد نفس الذين يصرون على كمال إلهامات عمر وموافقاته لله في مواقف عديدة اختلف فيها مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم تجدهم يقومون بتأويل بعض الآيات لأخذها ذريعة في إثبات خطأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإنكار تمام عصمته، ويصرون على هذا الرأي أيما إصرار!
ومن تلك الآيات قوله تعالى: (إنا فتحنا لك فتحا " مبينا " * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما * وينصرك الله نصرا " عزيزا ") [الفتح / 1 - 3]. ويرد السيد الطباطبائي في تفسيره (الميزان في تفسير القرآن) حول هذه الشبهة والتي تعد أكبر مستمسك بيد الطاعنين بكمال عصمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: (ليس المراد بالذنب في هذه الآيات هو الذنب المعروف بمخالفة التكليف الشرعي، ولا المراد بالمغفرة