أزمة الخلافة والإمامة وآثارها المعاصرة - أسعد وحيد القاسم - الصفحة ٢٥١
أن لقب (أهل السنة) كان ابتداء وصفا " لمجموعة من العلماء المشتغلين بتدوين الأحاديث النبوية، والذين عرف منهجهم في تحصيل العقائد والأحكام من ظواهر الروايات باسم (فرقة أهل الحديث) التي ظهرت في عهد الأمويين.
ولأن موضوع الأحاديث هو السنة النبوية فإن كلمة السنة أصبحت تستخدم أحيانا " بديلا " لكلمة الحديث. وكما يظهر في رسالة لعمر بن عبد العزيز يرد فيها على القدرية قال فيها: (... وقد علمتم أن أهل السنة كانوا يقولون:
الاعتصام بالسنة نجاة...، وقول عمر بن الخطاب: إنه لا عذر لأحد عند الله بعد البينة إلا بضلالة ركبها حسبها هدى...). فمن الواضح هنا أن من يشير إليهم عمر بن عبد العزيز بوصف أهل السنة هم مدونو السنة النبوية وليس أي فرقة أو طائفة وإلا لما فرق بين قول عمر بن الخطاب وقول أهل السنة (1).
ومن المعلوم أن تدوين الأحاديث النبوية لم يبدأ إلا في مطلع القرن الثاني الهجري بأمر من الخليفة عمر بن عبد العزيز، حيث كان التدوين ممنوعا " في عهود من قبله.
وعندما برز الإمام أحمد بن حنبل وتصدر العمل في تدوين العقائد والمعارف المأخوذة من تلك الأحاديث في مطلع القرن الثالث الهجري، أخذ يوسع استخدام لقب (أهل السنة) والذي كان مخصوصا " بالعلماء مدوني السنة النبوية، ليشمل أيضا " الأتباع المقلدين لمذهبه والعوام المؤيدين لمنهج أهل الحديث. وبهذا يكون أحمد بن حنبل قد احتكر اسم أهل السنة ليكون عنوانا " خاصا " لبعض المسلمين دون غيرهم من أهل القبلة.
ويذكر أحد المحققين المعاصرين أن أحمد بن حنبل قام بذلك ليوحد آراء أهل الحديث التي كانت مختلفة ومشتتة قبله في مجال العقائد (2)، ويقدم شاهدا " على ذلك من كتاب تدريب الراوي للسيوطي، يكشف فيه عن وجود

(1) جعفر السبحاني، بحوث في الملل والنحل، ج 1 ص 343، 270.
(2) المصدر نفسه، ص 310.
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست