ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين) [الأنفال / 7] وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد استشار أصحابه فقال لهم: إن القوم قد خرجوا على كل صعب وذلول، فماذا تقولون؟ العير أحب إليكم أم النفير؟
قالوا: بل العير أحب إلينا من لقاء العدو. وقال بعضهم حين رآه مصرا " على القتال: هلا ذكرت لنا القتال لنتأهب له؟ إنا خرجنا للعير لا للقتال وهنا نزل قوله تعالى (ما كان لنبي). وكذب من زعم أنه صلى الله عليه وآله وسلم اتخذ الأسرى، وأخذ منهم الفداء قبل أن يثخن في الأرض، فإنه إنما فعل ذلك بعد أن أثخن في الأرض وقتل صناديد قريش وطواغيتها كأبي جهل وعتبة وشيبة والوليد وحنظلة إلى سبعين من رؤوس الكفر وزعماء الضلال، فكيف يمكن بعد هذا أن تفسر الآية على أنها عتاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم (1)؟
وكان من بين أسرى بدر العباس عم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصحابة بعدم التعرض له، أو لأي من أسرى بني هاشم بالأذى لأنهم أخرجوا لقتال المسلمين مكرهين. ولكن عمر قام بشد وثاق العباس، حتى أنه كان يود قتله، وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يسمع أنينه وتضوره من الأذى فلا يأتيه النوم حتى أطلقه الأنصار (2). ومن المعلوم أن العباس كان ممن تحملوا العذاب مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بداية البعثة والدعوة في مكة، وكان معه عندما حوصروا في الشعب مع بقية أبناء بني هاشم لثلاث سنين، وهو كان من الذين أمرهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بكتم إسلامهم والبقاء في مكة ليكتب له أخبار قريش وأسرارهم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم احتدام القتال في بدر: من لقي منكم العباس فلا يقتله، فإنه خرج مستكرها (3).