وفي رواية ثالثة، كان قول الراد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في صحيح مسلم: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يهجر) (1)، وفي رواية رابعة، كان قول الراد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (.. فقال عمر كلمة معناها أن الوجع قد غلب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال عمر: عندنا القرآن حسبنا كتاب الله) (2). ويلاحظ في هذه الرواية الأخيرة أن كلمة يهجر استبدلت بعبارة (معناه أنه الوجع) الأكثر تهذيبا ".
ويتضح من كل هذه الروايات أن أول من وصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالهجران، والذي يعني في حالة المرض بالهذيان (3) هو عمر بن الخطاب ولكن علماء أهل السنة اعتبروا موقف عمر هذا دليلا " على عظمته وقوة بصيرته! فيقول مثلا " يحيى أبو زكريا النووي الشارح لأحاديث صحيح مسلم:
(.. وأما كلام عمر رضي الله عنه، فقد اتفق العلماء المتكلمون في شرح الحديث على أنه من دلائل فقه عمر وفضائله ودقيق نظره، لأنه خشي أن يكتب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمورا " ربما عجزوا عنها واستحقوا العقوبة عليها لأنها منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها، فقال عمر: حسبنا كتاب الله، لقوله تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شئ) [الأنعام / 38] وقوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم..) [المائدة / 3]، فعلم عمر أن الله تعالى أكمل دينه، فأمن من الضلال على الأمة، وأراد الترقية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكان عمر أفقه من ابن عباس وموافقيه) (4).
ثم يؤكد النووي أن وصف عمر للرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالهجران كان في محله بقوله: (إعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس معصوما " من الأمراض والأسقام العارضة