وعلى كل حال، فخدمات الإمام الصادق العلمية في مجال التفسير والحديث والفقه لا يمكن حصرها، وتمكن من علماء كبار وتنشئتهم في علوم الكلام والفلسفة والمناظرة والذين كان من بينهم: هشام بن الحكم الذي ترك وراءه خمسة وعشرين كتابا ". ومن المفارقات العجيبة وما أكثرها في تاريخنا الإسلامي أن تجد الشيخ البخاري مثلا " لم يرو في صحيحه ولو حديثا واحدا عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام، في الوقت الذي تجده يروي عن مروان بن الحكم الملعون هو وأبوه على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعن عمران بن حطان الخارجي الذي ألف قصيدة في مدح قاتل علي بن أبي طالب! (1).
وفي جانب العلوم الطبيعية، فقد تمكن الإمام من كشف أسرار نالت إعجاب العلماء الاختصاصيين في العصر الحديث، لا سيما ما جاء منها في كتابه (توحيد المفضل) الذي أملاه على تلميذه المفضل بن عمرو الكوفي في أربعة أيام، وكذلك تربيته للعالم الفذ جابر بن حيان الذي يعد اليوم أبو الكيمياء، حيث أخذ علمه عن الإمام الصادق عليه السلام وألف كتبا " ورسائل عديدة في هذا المضمار. وقال الدكتور يحيى الهاشمي: (إن هناك عدة كتب مخطوطة لجابر بن حيان لا يزال علماء الألمان يعكفون على حل رموزها) (2). وقال الحوماني: (واستخراج المعلوم من المجهول له علم خاص سماه علماء الغرب (علم الجبر) اشتقوه من اسم جابر بن حيان، لأنه أول من وضع هذا العلم نقلا " عن معلمه جعفر الصادق) (3).
وانتقل الإمام إلى جوار ربه في الخامس والعشرين من شوال عام 148 هجرية بالمدينة المنورة، ودفن في مقبرة البقيع بجوار آبائه الباقر، وزين العابدين، والحسن عليهم السلام.