المواطنين شأن كل المستعمرين في كل زمان، ولذلك لقي إبراهيم من الهكسوس مزيدا من الترحيب والتقدير، وبقي إبراهيم فترة في مصر، فاضت عليه خلالها نعم فرعون، ونمت ثروته، وتضاعفت ماشيته، ولكن فرعون طمع في سارة زوجة إبراهيم كما سنذكر فيما بعد - فلم يدع هذا لإبراهيم وذويه فرصة ليطول مقامهم في مصر، ولم يستطع إبراهيم وقومه أن يواصلوا سيرهم إلى الجنوب من عاصمة مصر آنذاك طيبة (الكرنك والأقصر) إذ قابلوا هناك الجنس الحامي، فقفل إبراهيم راجعا إلى أرض كنعان ومعه ثراؤه الذي تضاعف ومعه كذلك (هاجر) وهي جارية مصرية أهداها فرعون لسارة، وقد دخل إبراهيم يهاجر بناء على طلب سارة (Sara) وأتجب منها ابنه الأول إسماعيل الذي نشأ في مكة (1)، وصاهر إسماعيل جرهم سادة مكة، ومن نسله جاء العرب الذين يعرفون بالعرب المستعربة، وهم الذين حملوا لواء الإسلام فيما بعد واقتحموا أرض الرومان واستعادوا فلسطين وما حولها منهم، محققين وعد الله لإبراهيم أن يجعل هذه الأرض لنسله من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات (2)، كما اقتحموا بلاد فارس وما بعدها إلى الهند وما وراء النهر، هذا يتمشى مع قوله تعالى (إن أولى الناس بإبراهيم الذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا) (3)
(٥٠)