وثقته بجيشه... واعتداده بنفسه، وحبه لبلاده، وتفانيه في سبيل كرامتها وعزتها... فاستولى على تموين الأعداء الذي كان يصل إليهم من طريق النيل ومن بينه كمية كبيرة من العتاد الحربي فحارب أعداءه بأسلحتهم... حتى كتب له النصر عليهم، ومما ساعده على الانتصار أن أحبط مؤامرات العدو الذي كان يتبع أسلوبا ملتويا في بث الفرقة بين أهل البلاد بالغدر والخيانة والقرصنة ليتمكن من استعمار البلاد واستغلال أهلها... إلا أن هذه الحرب نبهت المصريين ليقفوا يدا واحدة متيقظين أمام كل المؤامرات التي يحاول العدو المستعمر القيام بها. ولذلك لم يهمل القائد المصري اليقظ الاحتياط لما قد يلجأ إليه عدوه من حيل، فاكتشف تلك المؤامرة التي دبرها الهكسوس لإشعال نار الفتنة في جنوب الوادي... كي ينضم أمير كوش إلى حكام الهكسوس، فيقع القائد المصري وجيشه الباسل في فكي الكماشة، ولكن القائد المصري قضى على هذه المؤامرة بصرامة، وقد ظل الهكسوس بمصر فترة زمنية يختلف فيها المؤرخون ويرجح الدكتور باهور لبيب أن مدة الهكوس بمصر كانت من سنة 1730 إلى سنة 1580 ق. م وكان هؤلاء يتعاونون مع الغرباء ضد المواطنين (1).
وفي أثناء عهد الهكسوس أصاب القحط أرض كنعان، فاستأنف العبرانيون تحركاتهم تجاه مصر، وهذا يدلنا على أن أرض كنعان لم تكن هدف العبرانيين، وإنما كانت بالنسبة لهم بقاعا ككل البقاع، ولذلك نجد إبراهيم وقومه يتركونها ويواصلون تجوالهم فيصلون إلى مصر حيث وفرة الزرع وخصب الأرض، وقد كان وجود الهكسوس بمصر فرصة للعبرانيين لأن الهكسوس - كما قلنا من قبل - كانوا يميلون للتعاون مع الأجانب ضد