فإذا تركنا أسفار موسى إلى سواها من الأسفار وجدنا نفس النتيجة، فإن هذه الأسفار نسبت إلى غير مؤلفيها الحقيقيين، ويبدو أن المؤلفين كانوا متأخرين جدا عمن نسبت لهم هذه الأسفار، وقد قرر الكتاب الغربيون هذه الحقيقة، ويرى بعضهم أن سفر يوشع كتبه أرميا، وبين يوشع وأرميا أكثر من ثمانية قرون تقريبا، ويرى آخرون أنه تصنيف صموئيل، ويرى فريق ثالث أنه تصنيف فنيحاس. (1) وسفر القضاة بنسبة بعض الكتاب الغربيين إلى حزقيال، وينسبه آخرون إلى عزرا، وينسبه فريق ثالث إلى فنيحاس، وبين عزرا وفنيحاس أكثر من تسعة قرون (2)، وسفر دانيال لا يمكن أن يكون قد كتب في ذلك الزمن البعيد الذي عاش فيه دانيال، أي عندما سقطت بابل في يد الملك الفارسي قورش سنة 538 ق م، بل لا بد أن يكون هذا السفر قد كتب بعد ذلك بثلاثة قرون أو أربعة للأسباب التالية:
1 - يتضمن هذا السفر كلمات مقدونية مع أن اليهود في زمن الأسر البابلي لم يكونوا قد خالطوا اليونانيين بعد، ولا صكت أسماعهم اللغة اليونانية.
2 - فيه وصف للكلدانيين لا يتسنى الاتيان به لكاتب سابق على عصر الإسكندر.
3 - اقتبس طرفا من أقوال إرميا وحزقيال وزكريا مع أن هؤلاء الأنبياء لم يكونوا قد وجدوا إبان الأسر البابلي (3)، والأسفار المنسوبة إلى سليمان ليست إليه كما سبق أن ذكرنا عند التعريف بالأسفار، ومثل هذا يقال عن كل الأسفار أو أكثرها، وقد تعرض لهذا الموضوع العلامة ول ديورانت وكتب عنه موجزا يمكن أن نقتبسه، قال هذا الباحث: