ثم فكل الحكم يجب أن يرجع إلى هذا الكتاب الأخير الذي يتضمن الباقي من شريعة الله كلها في كتاب، ويضعها في الصورة الأخيرة الباقية إلى يوم القيامة (1) ويقولون في تفسير الآية الثالثة: إن الله أرسل محمدا بالإسلام دين التوحيد والحق الخالد ليعلو على الأديان والمعتقدات بأن يحوي أحسن ما فيها وأن يضيف إلى ذلك ما فيه خير الإنسان في الدنيا والآخرة (2) ويقرر التاريخ أن موسى عليه السلام كتب نسخة التوراة ووضعها مع اللوحين في التابوت (3)، ومرت الأيام، وظهر في بني إسرائيل كثير من الفجرة والكفرة حتى جاء عهد سليمان وفتح التابوت بعد أن وضع في الهيكل، فلم توجد به نسخة التوراة، وإنما وجد به اللوحان الحجريان فقط، وقد جاء في الكتاب المقدس عن ذلك (... لم يكن في التابوت إلا لوحا الحجر اللذان وضعهما موسى هناك في حوريب حين عاهد الرب بني إسرائيل عند خروجهم من أرض مصر (4))، وحدثت بعد سليمان أحداث دينية عجيبة ذكرناها فيما سبق، وصلت إلى الردة وعبادة الأوثان، وعبادة آلهة الأقوام المجاورين وتعرض بيت المقدس للسلب والنهب والتدمير عدة مرات، وبني مذبح للأصنام في فناء بيت المقدس، ولم يعد هناك ذكر للتوراة ولا صلة بها، وبعد سقوط مملكة إسرائيل، بقيت مملكة يهوذا تعاني صورا من الاضطراب والفوضى، وكان اتجاهها غالبا إلى الزندقة والكفر، وقبيل سقوطها آل السلطان إلى الملك بوشيا (حوالي 629 - 598 ق م) ومال هذا إلى العودة الإيمان واتباع التوراة رجاء أن يكون في هذا إنقاذ مملكته من الفوضى والدمار، وكان يعاصره كاهن اسمه حلقيا انتهز فرصة هذا الميل في الملك فادعى - بعد سبعة عشر عاما من حكم يوشيا - أنه وجد نسخة التوراة في بيت المقدس، وأعطاها شافان الكاتب (5).
(٢٥٠)