إن الإجابة عن هذا السؤال تجئ بالنفي القاطع، لأن الصفات التي ذكرها اليهود ليهوه تبعده كل البعد عما يتصف به الإله عند أي جماعة من جماعات المتدينين، وتجعله هذه الصفات لأمر شدا هاديا، وإنما تجعله يمثل انعكاسا لصفاتهم واتجاهاتهم، ويقول ول ديورانت: (يبدو أن الفاتحين اليهود عمدوا إلى أحد آلهة كنعان فصاغوه في الصورة التي كانوا هم عليها، وجعلوا منه إلها، ويؤيد ذلك أن من بين الآثار التي وجدت في كنعان سنة 1931 قطعا من الخزف من بقايا عصر البرنز (3000 ق م) عليها اسم إله كنعاني يسمى (ياه أو يا هو) (1) ، فيهوه ليس خالقا لهم، وإنما هو مخلوق لهم، وهو لا يأمرهم، بل يسير على هواهم وكثير أما يأتمر بأمرهم، وفي يهوه صفاتهم الحربية إن هم حاربوا، وصفات التدمير لأنهم مدمرون، وهو يأمرهم بالسرقة إذا أرادوا أن يسرقوا، ويعلم منهم ما يريدونه أن يعلم، ولنعد إلى المراجع التي بين أيدينا لنقتبس منها مجموعة من هذه الصفات:
وأولى هذه الصفات هو اضطراب الفكرة التي ترسمها الأسفار عن الإله، فالوصية الثانية من الوصايا العشر تسمو بالإله عن الإحاطة والحصر، إذ تنص على الآتي: (لا تصنع لك تمثالا منحوتا ولا صورة مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت... (2)) ولكن على الرغم من ذلك ترسم أسفار التوراة الخمسة صورة بشرية محضة للإله (3)، وستتضح هذه الصورة من فيض الأوصاف التي وصف اليهود بها يهوه، والتي سنروي بعضها هنا.