مسرح التاريخ بدوا رحلا تسيطر عليهم الأفكار البدائية كالخوف من الشياطين، والاعتقاد في الأرواح، وكانوا يعبدون الحجارة والأغنام والأشجار (1)، ويقول Reinach إن اليهود اتخذوا في بيوتهم أصناما صغيرة كانوا يعبدونها ويتنقلون بها من مكان إلى مكان (2)، وقد ظل بنو إسرائيل على هذا الاعتقاد حتى جاء موسى وخرج بهم من مصر ويقول Foster Kent (3) إن موسى حاول أن يكون أمة من الجماعات التي تبعته، وقد وجد ألا مناص من تحديد إله يرعى جموعهم وتعبده هذه الجموع، ويتم بينه وبين بني إسرائيل نوع من المنفعة المتبادلة ويرتبط مصيرهما كل بالآخر ارتباطا دقيقا. وتبعا لذلك أعلن موسى (يهوه) إلها لبني إسرائيل، ويرى المؤرخون الغربيون أن موسى استعار القول بالوحدانية من اختاتون، وفي ذلك يقول Weech ((4):
إن أول من قال بالوحدانية الخالصة هو اخناتون، ومن المحتمل أن يكون موسى قد عرف وهو بمصر تفاصيل هذا الاتجاه الديني فتأثر به في دعوته ومال إليه. وقد سبق أن أشرنا إلى هذا الرأي، ولكن بني إسرائيل كما يقول ول ديورانت (5) لم يتخلوا قط عن عبادة العجل والكبش والحمل، ولم يستطع موسى أن يمنع قطيعه من عبادة العجل الذهبي لأن عبادة العجول كانت لا تزال حية في ذاكرتهم منذ كانوا في مصر، وظلوا زمنا طويلا يتخذون هذا الحيوان القوي آكل العشب رمزا لإلههم. وتقرر التوراة قصة العجل الذي عمله لهم هارون فعبدوه بعد أن تأخر موسى في العودة إليهم، وكيف خلعوا ملابسهم وأخذوا يرقصون عراة أمام هذا الرب، وقد أعدم موسى ثلاثة آلاف منهم