ومن المسائل الشائكة التي تتصل بإبراهيم وتختلف فيها وجهة النظر الإسلامية مع وجهة النظر الإسرائيلية مسألة موقف إبراهيم من سارة زوجته عندما وفد بها إلى مصر، وأحس بأنها ستكون مطمعا للحكام والسادة، وسنورد الآن وجهة النظر الإسلامية عن هذه المسألة كما ذكرها رجال من أدق الباحثين المسلمين (1):
رحل إبراهيم إلى مصر عندما ضاقت به سيل العيش في الشام، وكانت تصحبه زوجته سارة، وكان المسيطر على أمور مصر آنذاك ملكا من العماليق الهكسوس، وكانت سارة ذات جمال باهر، فوشى بها أحد بطانة السوء إلى الملك وأغراه بجمالها، وزين له حسنها، وحبب إليه الاستحواذ عليها، فصادفت هذه المقالة رغبة في نفسه، فدعا إبراهيم إليه، وسأله عما يربطهما من سبب، وما يصل بينهما من قرابة، ففطن إبراهيم إلى مأربه، وعرف مقصده، وخاف إن أخبره أنها زوجته بيت الشر له، وعمل على الايقاع به لتخلص له من دونه، وليستأثر بها من بعده، فقال إبراهيم له: هي أختي (يقصد أختي في الدين واللغة والإنسانية).
فهم الملك أنها ليست بذات بعل، فأمر أن يذهبوا بها إلى قصره، ويسوقوها إلى مخدعه، ورجع إبراهيم إلى زوجته، فأخبرها بقصته، وطلب إليها أن تكون مصدقة لقوله، مؤكدة لخبره، ثم أسلمها لعين الله ترعاها وتحفطها.
أدخلت سارة إلى قصر الملك، وزينت بفاخر الثياب وثمين الحلي، ولكنها لم تعبأ بهذا الزخرف البراق، ولا بذاك البذخ الخلاب، ولم تعن بما أحيطت به من نعمة، وما رأت من سعة السلطان وبسطة العيش، ولم ينسها كل ذلك الوفاء لزوجها والاستمساك بدينها، وجلست مكتبة حزينة، بل انتبذت مكانا قصيا.