سخط الناس، فذبل الابن وسقط مريضا، وأنفق الرجل على ابنه أضعاف ما دفع إليه من مال.
وتجربة رابعة:
أحد باشوات العهد الماضي كان يبعث بابنه إلى المدارس، وكان الابن يركب السيارة الفاخرة كل يوم في ذهابه وغدوه، وكان للباشا طباخ له ابن في عمر ابن الباشا، تقريبا، وقد التحق ابن الطباخ بالمدارس الابتدائية فأظهر استعدادا طيبا، ثم ألحقه أبوه بالمدارس الإعدادية، ولكن الباشا صاح في وجهه: إذا كان ابنك يريد أن يتعلم فمن سيكون طباخ ابني؟ وأوشك الطباخ أن يخضع لرغبة الباشا، وما كان له إلا أن يفعل، ورسم لابنه أن يتعلم الطبخ ليصبح طباخ ابن الباشا في المستقبل، ولكن الود كان يقرأ في غفلة من الباشا ومن ابن الباشا، وكان يستعمل كتب ابن الباشا، وشجعه على ذلك مدرس صغير لمح ذكاءه، وتقدم ابن الطباخ للشهادة الإعدادية من الخارج فحصل على مجموع كبير يضمن له المجانية في التعليم الثانوي، وتمرد ابن الطباخ على أبيه وأصر على أن يتعلم، وهجر بيت الباشا إلى بيوت أخواله والتحق بالمدرسة، وعانى ابن الطباخ حياة مرة فقيرة ولكنه صبر، وكان يكتفي بمصباح ضئيل يستذكر عليه دروسه، وأتم دراسته الجامعية وكان أول الناجحين فأرسلته الجامعة مبعوثا على نفقتها للحصول على الدكتوراه في الخارج.
وبدأ الحظ يلمع لابن الطباخ وعاد دكتورا في الهندسة، وفتح أمامة الباب، وبدأ يكون ثروة ليست بعيدة عن منطقة نفوذ الباشا، وجاء العهد الجديد لمصر، وألغيت الألقاب وحددت الملكية، واضطر الباشا أن يبيع