ومن نبات وأجرام سماوية وقوى طبيعية، ومعنى ذلك ألا يعبد الإنسان الإنسان، ففي عبادة الإنسان للإنسان ذل وطبقية لا يعرفها التفكير الإسلامي، ومعنى ذلك أيضا ألا يعبد الإنسان ما سخره الله للإنسان من حيوان أو نبات أو غيرهما ففي تخليص الإنسان من هذه العبادة وضع له في مكانه الطبيعي، سيدا لما سخر له، لا بعدا أمام مخلوق ينقص في تكوينه عن مستوى الإنسان (1).
وتوحيد الله وعبادته دون سواه تكسب المسلم الآنفة والعزة والشجاعة، ما دام يدرك أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له " قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا (2) " وما دام يدرك أن موته وحياته بيد الله لا سلطان لمخلوق على ذلك " وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا " (3) وأن الرزق منحة الله لا منحة غيره " الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر " (4).
وتوحيد الله وضع طبيعي، حتى أنه يلجأ إليه من يقولون بالتعدد، إذ يظل هؤلاء في صراع بين التوحيد الذي تجذبهم له طبيعة الألوهية، وبين اتجاهاتهم التي هي تعدد بصورة من الصور، ثم ينتهي بهم الأمر إلى التوحيد أو عقيدة قريبة منه، فنجد المسيحيين يضيقون بالتعدد، ويدركون ضرورة هزيمته أمام العقل فليجئون إلى القول بأن اعتقادهم هو: وحدة في تثليث أو تثليث في وحدة، والمصريون القدماء تتعدد عندهم الآلهة ولكنهم يؤمنون بإله أعظم، هو سيد الآلهة وكبيرهم، ويرى المرحوم الدكتور محمد عبد الله دراز أنه لا يقول بالتعدد إلا العقل القانع المتعجل الذي يقف عند